اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المدى تفتح ملف.. "العاصمة الأسوأ"..أسواق الخضراوات.. مزابل!

المدى تفتح ملف.. "العاصمة الأسوأ"..أسواق الخضراوات.. مزابل!

نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 07:16 م

((الحلقة الرابعة)) بغداد/ وائل نعمة  عدسة/ أدهم يوسفاستغرب العاملون في مطار بغداد الدولي أو غير الدولي - كما يسميه البعض - لأنه يفتقر إلى المعايير العالمية، حالة رجل عراقي مغترب في لندن منذ أكثر من عقدين، وهو يحمل معه قطة بيضاء ذات شعر كثيف وعيون بارزة،
مدعيا بأنها تحمل جواز سفر ووثائق رسمية تؤكد خلوها من أي أمراض ... سمح لها المسؤولون في المطار بالمرور مع صاحبها الذي قرر الرجوع إلى البلاد والاستقرار بعد أن وصل به العمر إلى الثمانين وتوفيت شريكة حياته لأكثر من 50 عاماً، وكانت القطة تسليته الوحيدة،لاسيما أن أولاده رفضوا الرجوع معه إلى العراق،خوفاً من عدم القدرة على التأقلم في جو يسوده الغموض على حد قول ابنه الأصغر الذي يدرس في إحدى الجامعات البريطانية.الرجل العجوز تفاجأ في وضع البلد والحال الذي آلت إليه الشوارع والأزقة، وانتشار الجدران الكونكريتية والخرائب، وصار يسأل سائق "التاكسي" - الذي اقلّه  من المطار إلى منطقة شارع فلسطين،حيث يمتلك بيتاً في تلك المنطقة،وكلّف احد أقربائه بتنظيفه - عن أسماء الشوارع لأنها تغيرت تماما...الشارع العريض الذي يقع فيه المنزل الضخم  أصبح ضيقاً إلى حد ما ...وانشطرت البيوت إلى ثلاث وأربع شقق، وحُفر الإسفلت ومدّت سواقٍ غير نظامية من بيت إلى آخر ،وتشابكت أسلاك الكهرباء في أحجية عجيبة لا يمكن حلها الا بعبقرية فذة! القطة هي الأخرى لم تكن مرتاحة للوضع الجديد، ولم تعتد على البيت الواسع الذي يخلو من أصوات سوى ضجيج بعيد قادم من إحدى المولدات، يشعل ضوءا اصفر غير مستقر في وهجه...المنزل واسع وأثاثه قديم ، والقطة البيضاء أصبحت تصعد وتنزل من الطابق الثاني إلى الأرضي لتكتشف أفضل الأماكن للجلوس فيها خلال الأيام المقبلة لأنها لا تعرف كيف ستنتهي هذه الرحلة الطويلة ...؟!إلى أسواق بغداد ...أشهر مرّت وهي لا تخرج وصاحبها يجلس على كرسي خشبي قديم يقرأ بعضاً من كتبه التي رصت على مكتبة حرص على إبقائها طوال فترة غيابه...وفي أحد الأيام قفزت القطة على حضن الرجل العجوز لكنه لم يحرك ساكنا ولم يداعبها – كما العادة – حاولت مراراً وتكراراً أن تثير انتباه لكنها لم تتمكن من ذلك...شكت بأن العجوز قد توفي ، خرجت للمرة الأولى إلى الشارع، محاولة أن تسعف صاحبها،فما حصدت غير حجارة ضربتها في وسط بطنها كانت موجهة من أحد المراهقين –المطيرجية – الذين يكرهون القطط أشد الكره، استعجبت من حال هذا الفتى ،ولم يطل استغرابها حتى تلقت عدداً آخر من رشقات الحصى والحجر الذي دفعها خارج الشارع ، وإذا بأطفال يرمون الكرة باتجاهها، فهربت إلى الطريق الرئيس ، وظلت خائفة لساعات، وهي تحاول إيجاد طريق العودة من جديد إلى البيت...نزل الظلام بستارته السوداء وغط الناس بالسكون، والشوارع أصبحت عتمة جدا، بعد انقطاع الكهرباء شعرت القطة بالجوع، ولم تجد من القطط – المتعجرفة – في المنطقة أي جاوب لإعلانها عن حاجتها إلى الطعام ، حتى قاسمتها إحدى القطط القذرة قطعة لحم كانت قد جلبتها من حاوية قريبة ...رفضت في البدء الأكل ، لكن الجوع جعلها تتحمل الرائحة الكريهة القادمة من عشاء الفقراء!طرحت القطة القذرة على البيضاء فكرة الذهاب معها إلى منطقتها ، حيث أصحاب الخير هناك كثيرون، والأكل موجود في كل الأوقات...لم يطل تفكيرها كثيرا وقطعت الصمت سيارة شرطة مسرعة كادت تدهسهم... وافقت على الذهاب معها واستقر بهما الأمر بعد رحلة طويلة في سوق السمك في مدينة الصدر.في سوق السمك تناولتا في الصباح وجبة دسمة من سمك نتن تركه صاحبه بعد أن عجز عن بيعه، ولم يأتِ عليه مشترٍ ...تشاجرت   القطط في ذلك السوق على القطع المتناثرة وحصلت البيضاء على جزء بسيط ، لأنها لم تستطع أن تجاري الهر السمين الذي دفعها  إلى الوراء وأخذ حصة الاسد.كل شيء في هذه السوق والمنطقة بشكل عام يبدو انه وضع بطريقة خاطئة؛ فالمنازل مبعثرة ، وواجهاتها داخلة وخارجة ، وكأنها متاهات، والإحياء تحولت إلى ورش لتصليح السيارات والمولدات والآليات الثقيلة، وتلونت الأزقة باللون الأسود جراء السقي المتواصل من مادة الكاز وتشحيم السيارات، حتى الجوامع والحسينيات حشرت بين محال قذرة تبيع السكراب، وبسطيات محروقة – لا نعرف السبب – لا تزال بعض من حاجياتها  تعلق بسقفها المتدلي إلى الأرض.. لم تفهم القطة البيضاء ماذا يحدث في هذه السوق ، ولماذا الروائح الكريهة تبعث من مواد تدخل جسم الإنسان، التي من المفروض ان تزين مائدته؟ بالمقابل المتاجر التي تبيع الأحذية ترفع على الأرض وتضع بضاعتها خلف "فاترينه " نظيفة ، ويعنى صاحب المتجر الأنيق  بتلميعها بشكل دقيق في كل صباح ، فيما حال الرجل الذي يبيع الفواكه والخضراوات في السوق الذي لم يعد حكرا على السمك – كما يدل اسمه – مختلف تماما ، وهو يرتدي دشداشة متسخة – لا تعرف لونها- وفوقها "قمصلة " سقطت أجزاء منها وظهرت بطانتها.تتذكر القطة –الأوروبية -  أسواق لندن وم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram