TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :نقمة الموبايل

سلاما ياعراق :نقمة الموبايل

نشر في: 13 ديسمبر, 2011: 09:47 م

 هاشم العقابي لا أحد يستطيع نكران أهمية الهاتف النقال في حياتنا العصرية لحد أن كثيرا منا صار يصعب عليه العيش بدونه. وأغلب الناس يعتبره نعمة كبيرة من نعم التكنولوجيا التي أحدثت ثورة في وسائل الاتصالات. لكن هناك بعض الأصوات ارتفعت معلنة احتجاجها على هذا القادم الجديد. فما زلت أتذكر لقاء تلفزيونيا مع كاتب بريطاني على قناة البي بي سي بث في وسط التسعينات لم يخفِ فيه غضبه واحتجاجه على انتشار الموبايل.
 كان سبب احتجاجه الأول هو أن الموبايل سيؤثر على حرية الإنسان ويحرمه من التمتع بالعزلة. أقسم، بوقتها، بأنه لم ولن يحمل نقالا ما دام حيا. لا أخفي بأنني سخرت من رأيه، في آنها، واعتبرته معقدا وأنه من صنف جماعة "خالف تعرف".ومرت الأيام فأبدت لي ما كنت أجهله. يبدو أن الرجل كان على حق. فالذي صرت مقتنعا به ليس أن الموبايل لم يحدد من حريتي، حسب، بل صرت مثل أمي أردد "اللهم اجعله خيرا" حين يرن نقالي ويظهر على شاشاته رقم لا أعرفه. وأحيانا أفعلها حتى لو عرفته. كان صباح أول أمس خاليا مما يكدر النفس تقريبا مما منحني مزاجا طيبا. شاركني صفاء المزاج صاحبي أبو يوسف فتبادلنا أحاديث خالية من النكد. وفجأة رن الصخّام (النقال) وظهر على الشاشة رقم من العراق أجهل صاحبه. وقبل أن أجيب دمدمت بصوت سمعه صاحبي: "استرنا يا ستار". كان المتصل شاعرا وصديقا لي من أيام الصبا. وسؤال من هنا وجواب من هناك، وصل صديقي الشاعر إلى بيت قصيده. هجوم وامتعاض وعتب بغضب خال من أي كلمة ود: "يا أخي أنت ليش كتبت عن الشاعر فلان وشبهته بفلان (الشاعر أيضا). وصار يتهمني بأن ما كتبته  يعد جريمة ليست ضد الشعر، فقط، وإنما ضد الحداثة والإنسانية كلها. وحتى لا تفوت المتصل فرصة أن يقلب صباحي المتفائل إلى شؤم مبين، باغتني بلهجة الآمر الناهي: "بالله انطيني ابوسف انطيني اياه". لا رجاء ولا من فضلك ولا مع السلامة. أنهى حديثه مع صاحبي واقفل الخط بعد أن نفث ما بداخله وارتاح. أما أنا فلعنت أبو الساعة السودة التي عرفت بها الموبايل وعرفني. اضطرني النكد الذي أتاني عبر النقال، إلى أن أعيد قراءة ما كتبت. فلم أجد في ما كتبته شتيمة أو مذمة لأحد. كل ما كتبته هو عن شاعر شعبي عراقي يعد من أكثر الشعراء شعبية وحضورا بالعراق. ولا أدري كيف تفسر الناس رأيي الايجابي بشاعر، على أنه انتقاص من شاعر آخر. ثم، ولأن الشيء بالشيء يذكر، تذكرت بأن صديقي المتصل كان قد اشتكاني لأحد أصحابه بسبب كتابة ذلك العمود. غريب هذا الصديق العزيز. فهو شاعر أيضا وله علاقات واسعة بالوسط الإعلامي. فعلام لا يرد ويكتب رأيه ضد ما كتبت؟ واعتقد ان هذا سيكون أفضل له ولي ولكم ولهاتفي النقال الملعون ابن الملعون ، الذي أراه "رب نافعة ضارة" وليس العكس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram