هاشم العقابي حين علمت أن نساء إيران وجهن رسالة إلى نساء تونس ومصر دون أن يوجهنها للعراقيات، لم يشغلني النبأ فقط، بل استوقفني بأكثر من سؤال، خاصة وان الرسالة تتعلق بأخطار التطرف الديني ومصائبه. أول أسئلتي كان: ما الذي عند الإيرانيات ليقلنه للتونسيات والمصريات؟ وآخرها جاء بعد أن قرأت الرسالة: لماذا لم يبعثن بنسخة منها للعراقيات؟ أقول وبأسف، لا تتوقعوا مني جوابا في هذا العمود.
رسالة الإيرانيات رافقها فيلم نشر على موقع اليوتيوب يظهر حال المرأة الإيرانية قبل الثورة الإسلامية وبعدها. وهناك صور ووثائق تكشف ما كانت تتمتع به المرأة الإيرانية من حرية ومكانة اجتماعية ووظيفية مرموقتين قبل الثورة. كذلك يكشف فحوى الرسالة عن فرحة نساء إيران بالثورة ومساهمتهن بالتظاهرات التي أسقطت الشاه وهن حاسرات الرأس يرتدين الميني جوب أو بنطال التشارلس. ثم تتطرق الرسالة، بالصوت والصورة، لحال المرأة بعد الثورة الإسلامية في العام 1979، وكأن لسان حالها يقول: "يا فرحة الما دامت". وتنتهي الرسالة بما يحدث للمرأة الإيرانية اليوم مختصرة الحال بشعارات تقول: "نريد الحرية" و "النساء مَن يقررن مصيرهن، وليست الدولة" و"الإيرانيات يُعلّقن على المشانق في إيران الإسلامية". خلاصة ما أردن قوله للتونسيات والمصريات هو أن لا تصفقن وتفرحن فتندمن مثلما ندمنا. وباختصار شديد، وصراحة أشد، تريد الرسالة القول للعربيات: "احذرن من دعاة الإسلام السياسي خاصة المتطرفين والأصوليين وإلا فستخسرن الحب والحياة والكرامة والحرية والوطن. إنها رسالة جريئة ومهمة أيضا. وأدعو كل عراقية، متدينة أو غير متدينة، إسلامية أو علمانية، إلى أن تقرأها، ففيها درس بليغ في الاستفادة من تجارب الغير، وعبرة لمن تريد أن تعتبر. أقول هذا وفي قلبي قليل من العتاب وكثير من الحزن. فعتبي هو على الإيرانيات. وقد لا يصلهن لأني لا اعرفهن. لكني، مع هذا، أعاتبهن لأنهن من بنات الجيران، "الجار حقه على الجار". ونحن "جيرانكم يهل الدار". أما حزني فمرده أني تمنيت لو أن العراقيات قد كتبن للتونسيات والمصريات قبل أن تكتب لهن الإيرانيات. فما عانته العراقية من اضطهاد وقمع وتهميش لدورها قد يفوق ما عانته كل نساء الجيران ومن هم ابعد من الجيران. ولو حسبناها بحسابات "الأقربون أولى بالمعروف"، فسنجد ان العراقيات أولى من الإيرانيات بالكتابة إلى قريباتهن، التونسيات والمصريات، عن خيبتهن قبل التغيير وبعده.شيء محزن أن نجد مبدعات الدارمي يصمتن في زمن لا يحق لهن به الصمت. غدا سأذكرهن وأذكركم كيف كان شعر النساء العراقيات أبلغ واصدق إنباء من رسائل الإيرانيات.
سلاما ياعراق :يردس حيل الما شايفها
نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 09:35 م