TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :غزوة جريدة الصباح

العمود الثامن :غزوة جريدة الصباح

نشر في: 9 ديسمبر, 2011: 10:33 م

 علــي حســـــين عندما قررت حكومة إياد علاوي إلغاء وزارة الإعلام، استبشر العاملون في هذا المجال خيرا من أن ساعة فطام العراقيين قد حانت، وان إطلالة القائد الملهم ستختفي من شاشة التلفزيون، لتظهر بديلاً عنها صورة لحكام من البشر لا من أنصاف الآلهة، وكان الإجراء في حينها خطوة أساسية على طريق الديمقراطية والإعلام المستقل واحترام حرية التعبير وإحياء تقاليد الإعلام الحر الذي وأدته عقود طويلة من الحكم الديكتاتوري وكمّ الأفواه، لكن يبدو أن البعض لم يستطع صبرا وقرر إعادة وزارة الإعلام
إلى الخدمة وبثوب جديد أطلق عليه زورا اسم شبكة الإعلام العراقي، ولكي يمرروا هذه الخطوة أشاعوا بأن هذه الشبكة ليست مملوكة للحكومة وهي من الهيئات المستقلة المرتبطة بمجلس النواب، ومهمتها التثقيف وتقديم المعلومات عن مجموعة عريضة من القضايا المتنوعة والتطورات والأحداث والظواهر التي تهمّ معظم شرائح المجتمع العراقي، أن الشبكة ومنذ تأسيسها. ظلت أسيرة لتوجهات الحكومة أيّاً كانت نوعية هذه الحكومة، حتى أصبح الكثيرون يشيرون للشبكة على اعتبارها هيئة ناطقة باسم مجلس الوزراء، بالتأكيد أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها أعضاء هيئة الأمناء، ولكن الذي لا افهمه أن يحاول البعض منهم القفز على الوقائع، فبعد أن أثيرت قضية إقالة الزميل عبد الستار البيضاني على خلفية نشر أخبار وتقارير قيل في حينها أنها تسببت في الإساءة إلى العلاقة مع الكويت.تدخل رئيس الوزراء واصدر قرارا ألغى به أمر الإقالة وعاد البيضاني إلا أن جنرالات شبكة الإعلام أغاظهم أن تثار قضية عن صحفي وقرروا أن يتفرغوا لمطاردة الخارجين على إرادتهم والرافضين لمبدأ السمع والطاعة، فجاءت القرارات سريعة أولها إعفاء مدير الشبكة من منصبه ثم جاء الدور على الزميل ستار البيضاني، وقبل ذلك كانت العودة الثقيلة للرقيب على التلفزيون وإصدارات الشبكة فرأينا حصارا مشددا لهامش الحرية الإعلامية الذي توهمنا بأنه امتد واتسع بعد 2003، وبرغم أننا لم نعرف عن رئيس هيئة الأمناء حسن سلمان أنه من رجال العسكرية العراقية، إلا أنه يتصرف ويصدر القرارات على طريقة قادة الجيوش فكل يوم له غزوة، إلى الحد الذي أصبح فيه القادة في وزارة الدفاع والداخلية أكثر وداعة منه.يعرف السيد حسن كما يعرف السادة أعضاء مجلس الأمناء أن جريدة الصباح يفترض انها ليست مملوكة للحكومة وهي ممولة من المال العام، وقد اخذ الدستور العراقي الدائم بهذه الفكرة فجعل شبكة الإعلام العراقي من الهيئات المستقلة المرتبطة بمجلس النواب، وهو الهيئة الدستورية التي تمثل العامة، وأخرجها من الارتباط بالحكومة، والخضوع لها، إلا أن الجنرال حسن سلمان ومعه أركان القيادة في شبكة الإعلام يريدون لنا أن نعود إلى زمن وزارة الإعلام التي تضع شعار "كل شيء في خدمة القائد". لقد مرت سنوات على تعيين السيد حسن سلمان الذي قال في أحد لقاءاته التلفزيونية انه جاء من أجل إصلاح الآلة الإعلامية ووضعها على الطريق الصحيح كي تصبح جاهزة للانطلاق والمنافسة بعيدا عن صراع السياسيين، غير أن الأيام تثبت أن الإعلام يمر بحالة نكوص شديدة يرتد فيها إلى مرحلة الطفولة المبكرة جدا، وان الحكومة مصرّة على أن تمارس معنا لعبة الشطرنج الشهيرة وتحرك القطع كما تشاء.إقالة البيضاني أنموذج صارخ لعشوائية القرار في العراق، لان معظم القرارات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة وتابعوها ومقربوها تأتي ضد ما ينتظره المواطن، أو للدقة فإنها تأتي استجابة لمصالح حزبية ضيقة.باختصار شديد نحن أمام مهرجان سياسي جديد، يسيل اللعاب ويثقل الجيوب احتفالا بالنجاح الساحق الذي حققه الجنرال حسن سلمان في طرد مخرب العملية السياسية رئيس تحرير جريدة الصباح واقتلاع جذورهم، وفرض واقع إعلامي جديد بالقوة، قوة ممثلي مكتب رئيس الوزراء وإيمانهم بأن الوطن لهم وليس للمشاغبين من أمثال البيضاني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram