هاشم العقابي ليس من الصعب ان تكتشف من يحب العراق أو لا يحبه من سياسيينا الذين انيطت بهم مهمة إدارته بعد خلاصه من الدكتاتورية والحروب والحصار. ابحث عمّ يتساءلون وانظر في إجاباتهم وستكتشف ذلك بسهولة. من الطبيعي ان نفترض انهم تساءلوا عن أهم ما يفتقر اليه العراق بعد السقوط. ولا نحتاج كثيرا من البحث لنتعرف على إجاباتهم. واضح انها كانت: اجتثاث البعث، وحل الجيش، وإقرار مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية والتبشير بالفدرالية. ولم يصلنا شيء له علاقة بالتنمية البشرية أو النهوض بمستوى الخدمات والعدالة وتحقيق الأمن.
اجابات يمكن حصرها بسهولة تحت باب تحقيق المنافع الشخصية والفئوية وتصفية الحسابات السياسية. فلو كانوا يحبون العراق لارتفعوا فوق مستوى النفعيات وفكروا بان اهم ما تحتاجه الناس هو ترميم ما حل بالمقاييس الاخلاقية من تدهور وانحلال. لقد قيل قديما: "وانما الأمم الاخلاق ما بقيت". لذا لا يمكن احياء امة من دون ان تسترد اخلاقها. والحاجة لاسترداد الاخلاق الكريمة لايتم الا عن طريق التربية. فهل سمعنا، ونحن نعيش العام الثامن بعد سقوط صدام، بمسؤول واحد نادى بضرورة النهوض بالتربية أو يمتلك رؤية صحيحة لأهميتها؟ الذي حدث هو أن وزارة التربية أُخضعت لمبدأ المحاصصة وليس الكفاءة. ليس هذا فقط بل ان ثمنها في حساب اسعار الكراسي كان من ابخس الاثمان. وهذا يعد من اكبر الاخطاء التي ادت الى تردي الوضع التربوي بالعراق. وسيستمر كذلك مادام اختيار وزير التربية يحدد وفق مذهبه وليس حسب قدراته وتخصصه.والحديث عن التربية يحتاج فهما يميزها عن التعليم. فالأخير يعني الاهتمام بالمعرفة. اما التربية فانها تهتم بالاخلاق اولا ثم بالمعرفة ثانيا. وللأسف ان الدستور العراقي هو الآخر تطرق في المادة 34 منه الى التعليم دون الاشارة لاهمية التربية. وهذا ايضا يكشف عن ان من اشتركوا في كتابته لا تنقصهم الخبرة فقط، بل وقد ينقصهم حب الوطن ايضا. فمن يحب ابنه يهتم بتربيته قبل تعليمه.يقول التربوي الأمريكي تشارلس واطسن في تعليق له حول الفرق بين التربية والتعليم: "اننا لو خيرنا بين الأمرين لآثرنا ان نترك الفرد في غياهب الجهل على ان نزوده بالعلم مجردا من المبادئ الخلقية. أليس هذا أقل خطرا على المجتمع؟ فهاكم رجال العصابات واللصوص، هل هم جهلاء؟ كلا انهم كثيرا ما يكونون على جانب عظيم من العلم والمعارف الفنية، ولكن ينقصهم الخلق". وهذا الذي قاله واطسن قبل 67 عاما نراه ماثلا امامنا. فالفاسدون والمفسدون في عراق اليوم لا تنقصهم الشهادة العلمية بل الاخلاقية. الحل اذن ، كما يراه التربويون، هو في السعي الى نشر التربية الاخلاقية التي صارت علما له اختباراته ومقاييسه. ويظل السؤال: كم يا ترى عدد الذين سيجتازون تلك الاختبارات بنجاح لو طبقناها على اصحاب السلطة قبل ان نطبقها على الناس؟
سلاما ياعراق :عمّ يتساءلون؟
نشر في: 11 أكتوبر, 2011: 09:06 م