اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

نشر في: 11 أكتوبر, 2011: 09:09 م

(الحلقة الخامسة) القسم الاول اللغة والفكر:  نحن في سياق البحث عن تفسير «الوضع» وتفسير الدلالة الوضعية للكلمات، أي الدلالات الحقيقية. وقد وقفنا عند نظرية «الهوهوية» التي طرحت في أبحاث السيّد السيستاني وما أُثير حولها من نقد،
وساقنا البحث إلى محاولة اكتشاف العلاقة بين الفكر واللغة، التي هي جوهر وأساس البحث في الدلالة (دلالة الألفاظ على المعاني). وهنا ينبغي الالماح إلى ملاحظة منهجية في غاية الأهمية:  إن أي تفسير لطبيعة العلاقة بين الفكر واللغة يأتي في طول الأبحاث التي توفرها العلوم للحكماء وفلاسفة اللغة، ومن ثمَّ لا يصح اغفال تطوّرات العلوم ومعطيات العصر، بل الباحث الحصيف لابدّ أن يتكئ على معطيات عصره. على أن هذه العلاقة ألصق ببحوث علم النفس، والدراسات السيكولوجية المعاصرة، التي تشكل قاعدة أيّ تفسير طموح في هذا المضمار. اضحت العلاقة بين اللغة والفكر من المسلمات في الفكر المعاصر، بل هي مسلمة في تراث الفكر الإنساني عامة. إنّما يخضع تفسير طبيعة هذه العلاقة للجدل وتختلف حوله مدارس الفكر. فالعلاقة المؤكّدة بين اللفظ والمعنى وبين اللغة والفكر, حدت عالم النفس الامريكي وزعيم المدرسة السلوكية في علم النفس [وطسن] إلى الذهاب «إلى حدّ التوحيد بينهما. فهو يرى أن الفكر ليس شيئاً أكثر من الكلام الذي بقي وراء الأصوات. فهو كلام حلقي Laryngeal لا كلام صوتي Vocal ونحن عندما نفكّر نتكلّم فعلاً، على الرغم من أن الكلام لا يكون مسموعاً». لكنَّ هذا الاتجاه لم يرتضه علماء النفس عامّة، والاتجاه العام يؤكّد على العلاقة الوثيقة بين الفكر واللغة، ولعلّ الجدل الذي دار بين «بياجيه» و«فيجوتسكي» ألقى مزيداً من الضوء على تحليل وايضاح طبيعة العلاقة بين الفكر واللغة. المتابعون يعرفون أن النزعة التجريبية التي شكلّت أبرز ملامح عصر النهضة في عالم الغرب, تزامنت مع سيادة النزعة الترابطية في تفسير السلوك البشري، بدءاً من قانون تداعي المعاني والترابط بين الاحساسات والانطباعات عند دافيد هيوم ومروراً بـ «جيمس مل» وابنه «جون ستيورات مل». لكن في احضان المذهب التجريبي وفي مناخ الحداثة نشأ تيار مناهض للنزعة التجزيئية الترابطية، عُرف في دائرة علم النفس الحديث بـ (مدرسة الجشتالت) أو المدرسة الشكلية، وتجلت هذه النزعة في حقول الاقتصاد والنقد الأدبي، بما عرف بالاقتصاد الكلي والمدرسة البنيوية التي امتدت آثارها إلى سائر ارجاء العلوم الإنسانية من اجتماع وتربية. والسؤال هنا: ماذا قدمت المدرسة الشكلية في ما يتعلّق بعلاقة اللغة والفكر؟ قامت نظرية الجشتالت «على النظر إلى الظواهر لا على أنّها مجموعة من العناصر التي يراد عزلها وتحليلها وتشريحها، بل على أنّها مجاميع مترابطة Zusammenhange تؤلف وحدات مستقلة وتكشف عن تضامن باطن، ولها قوانينها الخاصة. وينتج عن هذا أن حال كل عنصر يتوقّف على بنية المجموع المترابط والقوانين التي تحكمه» وبهذا سعت مدرسة الجشتالت إلى دحر المبدأ العام لنظرية تداعي المعاني، وتحرير الفكر واللغة من قوانين التداعي. ولم تعد الرابطة بين الفكر واللغة مسألة تداعٍ بسيط، إنّما تصبح مسألة تركيب. أجل قالت الجشتالت أن العلاقة بين الفكر واللغة تحكمها بنية المجموع المترابط، ولكن هذه المقالة لا تكشف شيئاً عن طبيعة هذه العلاقة، بل هي لا تتعدى - من وجهة نظر فيجونسكي - كونها لوناً من الخداع «فإنّنا لا نزال حيث كنا، رغم هدم مبدأ الترابط القديم، واحلال مبدأ التركيب محله، هذا المبدأ الذي طبق نفس الطريقة العامة وغير المتميزة على جميع العلاقات بين الأشياء كما كان الحال عند السابقين وبذلك استبعدت كل إمكانية لتفسير العلاقات الخاصّة بين الكلمات ومعناها، والتي اعتبرتها منذ البداية لا تختلف من حيث المبدأ عن اية علاقات أخرى ممكتة بين الأشياء.» مضافاً إلى ذلك فإن نقوداً أساسيه أخرى توجهت إلى مدرسة الجشتالت من قبل علماء النفس، ذلك أنّها احتفظت بمبدأ الاستقلال بين الفكر واللغة، وانكرت وجود قوانين خاصّة للفكر، وارجعت التفكير المبدع، والكلمة الأولى ذات المعنى عند الطفل الصغير، والعملية العقلية عند الشمبانزي في تجارب كوهلر، إلى قاسم مشترك تركيبي عام.مازلنا نتابع مدارس الفكر الحديث في الإجابة عن الاستفهام:ما هي طبيعة العلاقة بين الفكر واللغة؟ ولنتذكر أن هذا الاستفهام أثاره سياق بحثنا في تفسير «الوضع» عند علماء أصول الفقه في مدرسة النجف الأشرف الحديثة، وعلى وجه التحديد نظرية الاتحاد والفناء الوجودي للفظ في المعنى، وما اصطلح عليه أحد اعلام المتأخّرين «الهوهوية» بين اللفظ والمعنى، التي هي المضمون النهائي للوضع والأساس في تبلور الدلالة اللغوية، كما ذهب إليه «الرافد».على أن هذا الاستفهام يمكن أن يطرح عبر سياقات معرفية متعددة، وتستدعيه بحوث متنوعة في مجالات شتى. وا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

انخفاض القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا العملاقة للشهر الماضي

غوغل تعلن عن ميزات جديدة للخرائط مع Waze

تشكيل تحالف 'المادة 188': رفض واسع لتعديلات قانون الأحوال الشخصية واحتجاج على المساس بالحقوق

 7 نقاط  حول التعامل الفعال مع حالات الأرق

سان جيرمان يقترب من حسم رابع أغلى صفقة في تاريخه

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram