عبد الخالق كيطان تصوّر الرقم: خمسة آلاف مطلوب، واقرأ الخبر: في البصرة، أعلنت القوات الأمنية عن تمكنها من اعتقال أكثر من خمسة آلاف مطلوب بتهم إرهابية وجنائية خلال الأشهر الأربعة الماضية، في أعقاب تطبيق أساليب جديدة في ملاحقة المطلوبين. وتأمّل!
المدينة، التي توقّع لها أصغر اقتصاديي العالم، ناهيك عن سياسيّيه، أن تكون مركز الاقتصاد العراقي، ورئته. أن تصبح المنافس الأول لمدن الخليج: الكويت ودبي، أن تتقاتل الشركات الأجنبية العملاقة لكي تحصل لها على موطئ قدم فيها، وأن تستقتل الشركات السياحية العالمية لبناء أفخم وأحدث الفنادق فيها. هذه المدينة التي سمع بنفطها سكان الأسكيمو والجزر المرجانية كما سمع بها قراصنة الصومال، هي نفسها المدينة التي مرّت عليها في السنوات الثماني الماضية روايات وقصص أغرب من الخيال، وبطلها الأول: الفساد والجريمة المنظمة والميليشيات.كان يمكن أن تكون البصرة أكبر من حلم لو تهيأ للبلاد، وللبصرة بالخصوص، قيادات تريد فعلاً لهذه المدينة أن تستعيد عافيتها. أن تستعيد بعضاً من تاريخها الذي نقرأ عنه في الكتب وروايات الرحاّلة الأجانب. ولكن الذي يحدث هو عكس ذلك تماماً. مدينة متأخرة في كل شيء، وللأسف الشديد. الجهات الأمنية في المدينة تتحدّث عن اعتقال خمسة آلاف مطلوب بتهم إرهابية خلال أربعة أشهر، فما هو عدد المعتقلين خلال ثماني سنوات؟ ما هو مصيرهم، وخاصة الأبرياء منهم؟ وإذا كانت القوات الأمنية بهذه الهمّة في اعتقال المطلوبين فلماذا لا تمتلك الجهات الخدمية الهمّة ذاتها في تقديم ما يلزم الناس هناك؟ وإذا صدّقنا بأن هؤلاء مطلوبون حقاً على خلفية تهم إرهابية أو جنائية، فكم هو مستوى الأمان في هذه المدينة على مدار العام؟ إن مدينة بحجم مدينة البصرة يعتقل فيها خلال أربعة أشهر أكثر من خمسة آلاف مطلوب لحري بقادتها أن يدخلوا مواطنيها في مستشفى جماعي للأمراض النفسية، فكيف يتعايش مواطنو هذه المدينة مع الجريمة المنظمة وعصابات الإرهاب مع هذا العدد الغفير من المطلوبين؟ شيء مريع حقاً!وبالقياس إلى هذا العدد الغفير يستطيع المواطن أن يستنتج عدد الذين يقبعون في السجون من أبناء مدينة بغداد. ومدينة بغداد صارت علامة من علامات المدن غير الآمنة في العالم، كما تعرفون. من المؤكد أن الرقم يرتفع إلى أضعاف مضاعفة، وربما يصل إلى مئات الآلاف من المسجونين، ناهيك عن المطلوبين!.. هذه الأرقام، المرعبة بالنسبة لي على الأقل، لم تستطع أن توقف عصابات الجريمة والزمر الإرهابية، فأين تكمن المشكلة يا ترى؟ومن يمتلك الفضول الكافي لمتابعة الشريط الإخباري لبعض القنوات العراقية سيصيبه العجب العجاب وهو يرى تصريحات منسوبة لقادة أمنيين عن اعتقال العشرات من زعامات تنظيم القاعدة في اليوم الواحد. وبحساب بسيط سيجد هذا المواطن أن القوات الأمنية تعتقل ما نسبته حوالي سبعة آلاف في الشهر من أعضاء التنظيم، ومع ذلك فهم يتناسلون، بيننا، كما يبدو، وكما تصرّ الجهات الأمنية، عبر تصريحها للفضائيات حيناً وعبر نسبة الجرائم الإرهابية التي تنسب لهم حيناً آخر.لله درك يا مدينة البصرة.. كم من العذابات والجراح عليك أن تتحملي؟
عين:خمسة آلاف مطلوب في البصرة!
نشر في: 16 أكتوبر, 2011: 08:43 م