اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في اربعينية محمد غني حكمت..حين بكى السندباد

في اربعينية محمد غني حكمت..حين بكى السندباد

نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 06:23 م

بقلم: يوسف العاني ودعّناك وما فارقناك وكل كلماتنا فيك وعنك ليس رثاءً لك فأنت بيننا.. ولا تأبيناً لفراقك لأننا لم نفارقك.. فمنذ أن جلست أمام تابوتك الطاهر في السفارة العراقية وأنت مسجى فيه تداعيت أنت أمامي بفنّك وسحرك.. بل بجلالك.. تداعيت أمامي ونسيت التابوت ومعنى الموت.. وتألقت خلوداً لا يغيب وإبداعاً لا ينطفئ..
حتى دموعي الحرى، أرادت  أن تغيبك عني وتخفي معنى الحياة في غفوتك أمامي.. فما عهدتك وما عرفتك إلا نابضا بمعنى الحياة المبدعة و المنفتحة على العمل الدائب، والمحبة المضيئة والطريق الرحب من اجل الجديد الآتي الذي لا يقف عنه حدود السكون الصامت.. مع نفسي تساءلت عساني أرضى بصمتك وسكوتك وتوقفك عن حياة العطاء والخلق المتجدد.. كانت أمامي لحظات قبل أن نشيعك لتكون بعيداً عنا، إلى مثواك الذي اخترته لك.. ارض العراق.. تربة الوطن الناس الطيبين الذين عرفتهم وأحببتهم وسجلت مواقفهم وتأريخهم في سفر التاريخ. حضارة ومجداً وأصالة. وأردت أن أسمعك همسي أو صوتي لأقول كلمات فيك وأنت تغفو أمامي.. فلم تكن تسمع مني كلمات اعتزازي بك يوم كنت اعبر عن ذلك الفخر والاعتزاز بما أشاهد لك من خوارق النحت الخالد.. أريد أن أقول لك:أنت لست واحداً.. ولا نحاتاً يجيد هذا الفن.. لا والله..! أنت "ظاهرة" فنية نادرة.. والظاهرة لا تموت.. وإن نسيها أو تناساها البعض ذكرها الزمن وسجلها التأريخ.. وأنت يا "أبا ياسر وهاجر" ورفيق عمر السيدة الفاضلة النبيلة الوفية "غاية".. أنت صديقنا جميعاً.. وأنا واحد منهم، صداقتك شرف كبير لي.. وسنوات العمر الرحبة البعيدة والقريبة أضافت لي معرفة جديدة في الفن برمته وفي المسرح بالذات.. كنت أتعلم جديداً منك في كل معرض لك أكون فيه.. او انجاز منك تراه عيني.. ما لا اعرفه اسأل عنه وما اعرفه أتعمق فيه الجديد والبعيد.. حتى "أنا ملك" حين أتلمسها.. أو امسكها أرى كم هو الإنسان عظيما وخارقاً.. حين تنطق الصخر، وتذيب الحديد وتزهو بالحياة تجسد حلاوتها ومرارتها لتكون كياناً جديداً يتعشقه الذهن.. وتغنى به العين لتصير حقيقة وليس مجرد واقع منقول ليقول هذا انا كما كنت بل جديد متألق ومؤثر صرت..!  لا.. لم تكن ناقلاً يا محمد غني حكمت.. كنت غنيناً بالعطاء.. وحكيما بالرؤية وبعث الحياة والحركة والأصالة التي تعود من جديد من خلال إبداعك الحضاري.. تعود ؟؟؟؟ جديداً كالشمس. كيف اقتنع يا محمد بانك ستغيب عنا.. أو انك ستفارقنا وأننا نودعك؟هكذا وبعد كل هذا التداعي رفعناك إلى الأعلى بأيدينا وقلوبنا وسرنا في ركبك.. وكنت أريد أن أقول شيئاً ونحن نسير بك عائداً إلى بغداد.. وتوقف ركبنا وتداعت بذاكرتي كلماتك التي كنت ترددها حبّاً وعشقاً وإيماناً بالوطن تعلقاً واعتزازاً به. مترنماً باسمه.. بسمائه ونجومه وتربته وحتى غباره..تداعت أشياء كثيرة منك خلال اللحظات القصيرة ونصبح نحن "بليّاك!".. لكن المجد منك والزهو فيك لن يغيبا... فأنت من نقل تراث العراق ليشيع في كل ما قدمت وجسدت من خلاله إنسانية الإنسان وحولت الحياة كلها عملا لا يتوقف.. وان الفنان يتيه ويضيع حين يتوقف عن ممارسته لفنه.. كنت حركة دائمة وسحراً ينطق الجماد كله وظل حلمك متجدداً بحلم جديد.آخر أحلامك همسها بأذني وأنا اجلس في بيتك وبجانبك قلتَ : "عندي حلم أتمنى أن أحققه". قلت:شنو؟قلت: " انحت السندباد فوق بغداد ودجلة وكل مدن العراق. هسه.. ويشوف شديصير بيها.. ويبكي!.. أتمنى أن أكمله قبل ما أموت..!تظاهرتُ بالضحك وقلت تسويه وتسوي عشرة مثله..  ثم سكت..أما السندباد فما زال بعيداً عن بغداد ودجلة ومدن العراق وهو يبكي منتظراً من كان سيأخذه.. لكنه فارق الحياة..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram