□ بغداد/ ماجد طوفان منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921، مرّ العراق بأزمات ومنعطفات سياسية شديدة، وتمثل ذلك بعهده الملكي وما تلاه من انقلابات قامت بها مجموعة من الضباط، اختلف المؤرخون في تسميتها، فمنهم من يسميها ثورات والآخر يعدها انقلابات، وما يمكن تأشيره أن تأريخا يمتد بزمنيته قرابة قرن منذ تأسيس الدولة العراقية،
لم يشهد فوضى وضعفا وانتكاسا كما هو اليوم، ومن الواضح أن اللحظة العراقية لم تعد راهنة بقدر ما أصبحت لحظة مزمنة، فمنذ عام 2003 والى يومنا هذا يجتر سياسيونا بهذه اللحظة اجترارا، وكأنهم حريصون على إطالة زمنها، لأنها تمنحهم فرصة أطول للبقاء، هل يمكن أن نقارن بين لحظة نيلسون مانديلا وبين لحظتنا، مانديلا وبعد ثلاثين عاما قضاها في السجن اقتنص اللحظة الجنوب افريقية واخرج بلده من سياسية التمييز الفصل العنصري التي استمرت عشرات السنين، الكل كان يعتقد أن جنوب إفريقيا تحتاج إلى معجزة لتتعايش سلميا، فإذا بالزاهد مانديلا يصنع مزاجا شعبيا يشبه فعلا أسطوريا وبحنكة كأنه امتلكها بالفطرة، اعتقد أن المقارنة بين مانديلا وبين ومن يحكم العراق اليوم تحمل دلالات واضحة، قد نظلم بها رجلا تنازل عن السلطة وتركها لجيل شاب، وبين سياسيين يعضون على السلطة بأيديهم وأسنانهم، غير مكترثين بما يحصل من تغييرات على مستوى العالم، وبما يجري من تغيير بنيوي في العالم العربي، وكأننا نعيش في كوكب آخر، اللحظة العراقية متسربة ومهشمة ومهمشة ومنكسرة وربما في القريب العاجل تصل إلى مرحلة الموت السريري، سياسيون صرحوا أن المحادثات والمفاوضات السرية والمعلنة بين الكتل السياسية قد وصلت إلى طريق مسدود، وان الحاجة انتفت إلى عقد الاجتماعات مادام الكل متمسكا بمواقفه ولا يرى سوى تحقيق مصالحه الحزبية الضيقة، وكأن المواطن أصبح خارج تفكير السياسي العراقي، وحصر هؤلاء المسؤلون صفة المواطنة بمن ينتمي إلى أحزابهم، وهذا يوصلنا إلى نتيجة فاقعة تحمل من ضيق الأفق السياسي ما هو كثير وعميق لمن يتصدى للعملية السياسية اليوم، وكأن عنصر البقاء في السلطة او الحصول على جزء منها هو الامتياز الذي حققه هؤلاء الساسة، أما التخطيط لبناء وطن قاعدته الأولى المواطنة فهذا أصبح من ضرب الخيال في وطن تتناهشه الصراعات الدامية والتدخلات الخارجية، وفساد مالي وأداري استشرى بشكل إخطبوطي، وفي نهاية المطاف لنا أن نتساءل ما هو مصير اللحظة السياسية العراقية؟، هل ستبقى راهنة لعقود؟ أم أن الزمن كفيل بتحديد مصيرها الذي كنا وما زلنا نتمنى أن تكون لحظة تاريخية يمكن العودة إليها كمرجع مفصلي راهن بزمنه وتاريخي بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من يقطف هذه اللحظة؟ ومن يمكن أن يجعلها فعلا دافعا وأرضية لعراق يتمتع بعافية تشابه دولا ربما لا تمتلك من العوامل والفرص التي يمتلكها العراق، لحظة راهنة بحاجة إلى مناخ سياسي يتسم بالايجابية وحسن النوايا والثقة المتبادلة بين الفرقاء السياسيين. من سيترجم لحظة مازالت تنتظر منذ عام 2003؟ ربما تحصل المعجزة العراقية بشكل يذكرنا بحكايات ألف ليلة وليلة.. وربما سننتظر زمنا مفقودا يذكرنا بزمن مارسيل بروست.
العراق واللحظة السياسية الراهنة

نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 08:51 م









