TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ليف أولمان.. تتغيّر

ليف أولمان.. تتغيّر

نشر في: 19 أكتوبر, 2011: 06:14 م

أحمد ثامر جهاد مَنْ أجدر من الممثلة العالمية ليف اولمان،المعروفة،بغنى حياتها وإبداعها،في كتابة مذكراتها،من امتلك مثلها ذاكرة عامرة بالمواقف والانجازات والمشاعر الكبيرة؟ إن اولمان من بين قلة من مبدعي العالم،نحتت أسمها بقوة في ذاكرة الجمهور..
في مذكراتها الموسومة(أتغيّر)والمهداة إلى ابنتها لين،تستعيد اولمان أهم محطات حياتها بأسلوب رشيق ومؤثر يليق بسيرة فنانة استثنائية نذرت روحها وسخرت طاقة جسدها للفن،في المسرح والسينما.وقد اختارت لمذكراتها الصادقة والجريئة مسارا حرا لا يلتزم بسرد نمطي يلاحق تغيرات الحياة عبر تتابعها الزمني،وإنما ركزت حديثها حول المواقف التي أثرت في حياتها والأشخاص الذين تفاعلت معهم،فضلا عن طرح تصوراتها حول ابرز أدوارها السينمائية،والاهم من ذلك كله طبيعة فهمها للحياة،ومحاولة قراءة ذاتها والآخرين في تأمل يتسم بالوضوح والجرأة والخفة..عبر مشوارها الفني الطويل أكدت اولمان كيف أن النجاح والفشل يغيران الإنسان من حال إلى حال،وان الفرد وحده من يصنع أقداره في هذه الحياة، بتوقه إلى السعادة أو مواجهته للفشل. لكن الألم يختبئ هو الآخر عند نهاية كل ابتسامة، فيكون الأسى أكثر ما يحصده البشر في حيواتهم،إذا ما تأمل المرء صور ماضيه ومستقبله،إذا ما أخطفته الوحدة في غفلة من الزمن،وانفض الجمع الأثير من حوله.الفتاة النرويجية التي خلا وجهها من مسحة الجمال الاسكندينافي حملت في دواخلها روحا أوربية أعمق مما تفعله مساحيق التجميل على محيا نجمة سينمائية طافت شهرتها العالم كله.خاصة أن تلك النجومية شهرتها اقترنت بأبرز أفلام المخرج السويدي الكبير انغمار برغمان الذي أصبح زوجها في منتصف مشوارها الفني.***أول صورة تخطها ليف اولمان في مذكراتها تتعلق بولادتها عام 1938 في مستشفى صغير بطوكيو.إشارة ذات دلالة عميقة تستعيد اولمان من خلالها تلك الحادثة وتقول إن أمها تتذكر شيئين عن ولادتها."الأول: إن فأرا مر من أمامها واعتبرته فألا حسنا.والثاني: إن الممرضة همست في أذنها بنبرة اعتذار..يؤسفني أنها فتاة.هل تفضلين إخبار زوجك بنفسك؟"من تلك اللحظة لم يفارق اولمان الشعور بأنها ليست أفضل شيء يمكن ان يحدث بالنسبة لوجودها.رغم ذلك رسمت الفتاة الشهباء ذات الملامح الحادة لنفسها مسارا قاسيا ومثابرا من اجل تحقيق أحلامها وطموحاتها..عشقت الكتابة والموسيقى وأبدعت في التمثيل المسرحي منذ مطلع شبابها،وامتحنت قدراتها الأدائية وطاقتها الذهنية على الابتكار والتقمص والتنويع وهي تؤدي على خشبات المسارح الأوربية عشرات الأدوار الصعبة في أعمال مسرحية بارزة لكتاب مثل سودنبرغ وابسن وبريخت وآخرين.ومثلما لم تبعدها السينما عن عشقها القديم للمسرح،فان بريق نجاحها السينمائي لم يسرق منها لذة الهدوء الداخلي الذي طالما انجذبت إليه.لقد وجدت اولمان نفسها في الاسترخاء والصمت والتأمل،في ذلك النوع من السكينة والصفاء الذي عرفت به المدن الاسكندينافية الباردة،حيث يمكن للمرء بعد انتهاء يوم شاق التمتع بالجلوس إلى جوار نافذته في شتاء ممطر،يراقب حركة الناس العائدين إلى منازلهم بخطى عجولة. تتحدث اولمان في مذكراتها عن ذلك الوجود الحميم للأشياء.متعة تناول وجبة عشاء مع الأصدقاء على مائدة واحدة تزينها الشموع وكؤوس الشراب الأحمر،والاستماع إلى ثرثرتهم وهي تخلف سعادة خاصة وشعورا أليفا من أن لا شيء يحصل،لا شيء يمكن له أن يكدر المرء في أمسيات كهذه.هذا الميل الذي تكنه اولمان لنمط بسيط من العيش يمكن عده وسيلة ذاتية لمكافحة القلق المتأصل في حياة الكائن. قلق ازلي برعت اولمان في التعبير عنه عبر عدد من الشخصيات التي جسدتها في السينما،خاصة أدوارها في أفلام برغمان:العار،صرخات وهمسات،برسونا،سوناتا الخريف.كيف يمكن لنا ببساطة نسيان دورها المعجز في فيلم برسونا،احد أجمل وأعمق أفلام برغمان. أظهرت اولمان في هذا الفيلم جل قدراتها الأدائية من خلال التعبير بوجهها وحركاتها فقط من دون ان تنطق كلمة واحدة طوال الفيلم.إنها تتذكر على نحو خاص هذا الفيلم الذي شاركتها البطولة فيه الممثلة بيبي اندرسون. وتقول إنها كانت سعيدة بالحوارات التي تثار بين الممثلين والمخرج. كما تعبر عن إعجابها بموهبة اندرسون وكيف أنهما أمضيتا معا أياما جميلة في جزيرة فارو حيث تم تصوير مشاهد الفيلم.عن زميلتها بيبي اندرسون تقول اولمان"كنا نتخيل المستقبل،وزواجنا،وطفولتنا وشبابنا،ونعد بان نصبح عرابتين كل منا لأطفال الأخرى""كنت معجبة بكرمها وإخلاصها.،قويت صداقتنا وصمدت على مدى السنين."كما تبدي احترامها لطريقة برغمان في العمل السينمائي وقدرته السريعة على فهم الممثلين،فضلا عن بداهته في توجيههم والنقاشات الطويلة العسيرة والجميلة التي تثار من اجل الوصل إلى أفضل رسم ممكن للشخصية."كانت المرة الأولى التي أقابل فيها مخرجا سينمائيا يدعني أميط اللثام عن مشاعر وأفكار لم يكن احد قد لاحظها من قبل.كان ينصت بصبر،وسبابته على صدغه،ويفهم كل ما كنت أحاول التعبير عنه.كان عبقريا خلق جوا يمكن أن يحدث فيه كل شيء،حتى ما لم أكن اعرفه عن نفسي"***ما لا تخطئه عين القارئ في هذه المذكرات هو ذاك ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram