د. مهدي صالح دوّايفاز الاقتصاديان الأمريكيان (توماس سارغنت) و(كريستوفر سيمز) بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2011، لعملهما في مجال دراسة العلاقة بين إجراءات السياسة وتأثيرها على الاقتصاد، إذ جاء في قرار اللجنة المسؤولة عن الجائزة أن الفائزين (طوّرا طرقا" للإجابة على أسئلة حول العلاقة السببية بين السياسة الاقتصادية والمتغيرات في الاقتصاد الكلي مثل، إجمالي الناتج المحلي والتضخم والبطالة والاستثمارات).
ومع أهمية هذا التقليد السنوي لتكريم الفكر الاقتصادي الخلاق ، فان المناسبة تقتضي تدوينا" لعدد من الأفكار والرؤى (أوّلها) ؛ أن مساحة الاستحواذ الأوسع على الجائزة كانت لعلماء أمريكان (فرادى أو بالاشتراك) ، فعلى مدى عمر الجائزة (التي انطلقت في عام 1969) حصل (43) عالم اقتصاد امريكيا على الجائزة من مجموع (66) عالما فازوا بها ، في حين لم يحصل على الجائزة من العالم الثالث سوى عالم الفكر التنموي الهندي (اماريتا سن) في عام 1998 .(ثانيا") من خلال التعاطي مع ماسبق ، فان مضامين الفكر الاقتصادي المعاصر جاءت كرد فعل لازمات الرأسمالية المعاصرة ، فقد تبنى الباحثون إضافات فكرية مستوحاة من الفكر الاقتصادي التقليدي (عصر ادم سميث) والفكر الاقتصادي الحديث (العصر الكينزي) ، وتلك الإضافات كانت سببا" في تجدد الرأسمالية في كل حين ، إضافة الى حدوث اندماجات مستمرة في مجمل المنظومة الرأسمالية ، لاسيما من قبل المنظومة الاشتراكية السابقة ، ودول جنوب شرق آسيا وأمريكيا اللاتينية ، ما مثّل ذلك كسبا" للرأسمالية ، في تفريغ شحنة الأزمات الاقتصادية على مساحات أوسع من الاقتصادات الرأسمالية الفتية أو النامية .والقضية (الثالثة) تتعلق بأهمية التأسيس لفكر اقتصادي مستوحى من أزمات الدول غير الرأسمالية ، لضمان المزيد من التنوّع الذي يراعي خصوصيات الدول وتطلعاتها ، وفي ذلك ضمان لحلول جذرية لازمات الدول عندما لا يكون هنالك خط فكري أحادي يصيب الجميع حين يتعرض لأخطاء في التطبيق . وهنا تكمن أيضا" أهمية الرعاية الأكاديمية للباحثين الاقتصاديين لتمكينهم في إصابة مواقع الضعف والقوة التي تنتاب اقتصاداتهم ، فتقع على عاتقهم مسؤولية الخروج الناجح من تلك الإخفاقات .إن تعاطي النخبة الاقتصادية المحلية مع تكريم (نوبل) ينبغي ألا يكون انبهارا" بأسماء الفائزين ، أو ترديدا" لمقولاتهم الفكرية ، وإنما نحتاج أن نكون متلقين ايجابيين لما يطرح من أفكار ورؤى في هذا المجال الحيوي ، لاسيما مع شدة التداخل بين اقتصادات العالم لمرحلة مابعد الصناعة ، وما تستدعيه هذه المرحلة من إسعافات فكرية طارئة لتجنب المزيد من الخسائر المنظورة وغير المنظورة.
فضاءات: نوبـل للاقتصاد
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 23 أكتوبر, 2011: 06:19 م