 عباس الغالبي ونحن في الربع الأخير من العام الحالي، ما الذي تحقق من البرنامج الحكومي الزراعي؟، سؤال يطرح نفسه في ظل التراجع الخطير وغير المسبوق للقطاع الزراعي ومدى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.والمضحك المبكي أن دائرة الاستثمارات التابعة لوزارة الزراعة أعلنت للتو أنها بصدد عرض أكثر من 10 ملايين دونم للاستثمار الزراعي،
ولا نعلم هل أن هذه الدائرة كانت تغط في سبات عميق كما هو حال كثير من المؤسسات الحكومية ولاسيما في القطاعات الإنتاجية المعوّل عليها في تنشيط وتفعيل عجلة الإنتاج في الاقتصاد العراقي، وهل استذكرت هذه الدائرة العتيدة ضرورة الاستثمار الزراعي وأهميته في الارتقاء بأداء هذا القطاع وتحقيق المردودات الاقتصادية المطلوبة، في وقت كان الأجدى بها أن تطرح ملايين من الدونمات الأخرى للاستثمار قبل هذا الوقت، حيث تمثل هذه الاستثمارات فرصة مواتية لتفعيل القطاع الخاص ومنحه الدور المستحق فضلاً عن المساهمة الفعالة لامتصاص البطالة في المشاريع التي تنجز خلال هذه الاستثمارات والانعكاسات الايجابية على حركة الأسواق المحلية والمنافسة مع البضائع والسلع المستوردة سعياً للقضاء على ظاهرة الإغراق السلعي ودعم وحماية المنتج المحلي.ومن هنا نرى أن الاستثمارات الزراعية تحمل أكثر من بعد اقتصادي، حيث كان يفترض أن تنطلق قبل هذا الوقت المتأخر جداً، وهذا ما يؤكد بشكل واضح الغياب التام للبرنامج الحكومي الاقتصادي عامة والزراعي على وجه الخصوص، حيث لم يشمل البرنامج الحكومي الزراعي أية ملامح بارزة سوى المبادرة الزراعية لرئيس الوزراء والتي شابتها الكثير من التعثرات ولم تحقق أهدافها المرسومة لأن عملية الإقراض اكتنفها الكثير من الإخفاقات وهي بحاجة إلى إعادة تقييم أولاً من ثم وضع آليات جديدة.ولأن القطاع الزراعي يعد أحد أهم القطاعات الإنتاجية، وعلى الرغم من الوعود التي قطعتها الحكومة في هذا الاتجاه ذهبت أدراج الرياح مع نهاية العام الحالي 2011، فأنها مطالبة بوضع برنامج حكومي للنهوض بالقطاع الزراعي، ونقترح في هذا الاتجاه تشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى برئاسة احد نواب رئيس الوزراء تضم في عضويتها كلاً من وزراء الزراعة والموارد المائية والتخطيط والمالية وعددا من المستشارين والأكاديميين والخبراء لوضع خطة تشمل محورين؛ الأول يتحرك خلال العام المقبل 2012 والثاني يتحرك بسقف متوسط او بعيد المدى، يحدد المشاكل الحقيقية ويقترح الحلول على ان تحظى هذه اللجنة بدعم برلماني حتى وان اقتضى الأمر دعما ماليا أو تشريعيا، ذلك أن القطاع الزراعي يعد محركاً أساسياً لقطاعات اقتصادية أخرى.ونرى أيضاً في هذا الاتجاه تفعيل الخطط والبرامج التي أعلنت عنها وزارة الزراعة في أكثر من مناسبة والتي قد تصطدم بعقبات مالية وقانونية وسياسية، والسعي الجاد لعدم التأخر مستقبلاً بالاستثمارات الزراعية.