TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: بروفة لما بعـد الانسحاب

عين: بروفة لما بعـد الانسحاب

نشر في: 28 أكتوبر, 2011: 07:53 م

 عبد الخالق كيطانلست من المؤمنين بنظرية المؤامرة، ولهذا لا أصدّق أن حملة الاعتقالات الأخيرة في بغداد وبعض المحافظات كانت بسبب وجود مؤامرة "بعثية" للإطاحة بالعملية السياسية، ولا أصدّق أن اجتثاث البعثيين الذي "فعّل" قراراته وزير التعليم العالي جاء بسبب أن هؤلاء "يدرّسون أبناءنا أفكاراً تدميرية" في الجامعات، ولا أصدّق أيضاً أن محافظة صلاح الدين أعلنت نفسها إقليماً بسبب "مؤامرة عربية"، ولا أصدّق بأن الولايات المتحدة أعلنت انسحابها من العراق تنفيذاً لمؤامرة دولية تريد وضع العراق في شراك الإرهاب.
هذه عيّنات من حديث المؤامرة التي تدور هذه الأيام في العراق، وما أظنّه أن العراق قد وصل إلى مرحلة استحقاق الانسحاب. بول بريمر كتب في 10 أيلول 2003 بجريدة الشرق الأوسط اللندنية يقول: لا أحد يحب الاحتلال. وفصّل في مقاله ذاك ستراتيجية الولايات المتحدة في العراق. اليوم نصل إلى مرحلة الانسحاب الكامل من العراق، فما هي استعدادات العراقيين لهذا الحدث؟نسمع كثيراً عن "جهوزية" القوات الأمنية العراقية، وبالأمس خرج  قاسم عطا بمؤتمر صحفي أكد فيه إلقاء القبض على مجموعة مسؤولة عن تفخيخ السيارات في أحد جانبي بغداد. في الوقت عينه تشن القوات الحكومية حملات مداهمة مستمرة، ووصل عدد المعتقلين في هذه الحملات إلى أكثر من 500 مواطن، والتهمة: الانتماء لتنظيمات البعث. لا يمكن فصل مثل هذه الإجراءات عن استعدادات ما بعد الانسحاب. ولا يمكن، في الوقت عينه فصل إجراءات أخرى، حكومية وشعبية، عن هذا الموضوع. الجميع يريد تجربة قواه. الجميع يريد اختبار قواعده، وأتباعه، وأيضاً جسّ نبض أعدائه المفترضين. الأمر الأكثر أهمية في موضوع الانسحاب هو الأمن ومن ثم مسألة حسم نظامنا السياسي: هل سيكون ديكتاتورياً كما يلمّح لهذا بعض القادة؟ أو تشاركياً كما يريد قادة آخرون أم نظاماً برلمانياً كما تمنى  بريمر ومن خلفه الإدارة الأميركية؟ الإجابة على هذا السؤال عصية في عراق اليوم. فلقد ضربت المحاصصة نظامنا في الصميم. السيّد المالكي، على سبيل المثال، يخطب في جامعة بابل عن "ضباط مخابرات من العهد الصدامي يتغلغلون في الجامعات"، هل بإمكان السيّد المالكي إلقاء خطاب من هذا النوع في جامعة الموصل؟ والسيّد صالح المطلك، في مثال مشابه، يلقي خطاباً في تكريت عن ضرورة التسامح لبدء صفحة جديدة، ولكنه لم يذهب إلى جامعة ميسان ليقول مثل هذا الكلام. مازال القادة عندنا يتحصّنون وراء طوائفهم، هذا أمر جليّ، وبالتالي فإن مسألة الأمن في العراق معرّضة للخطر بشكل كامل. والأمن، أصلاً، في العراق هشّ، كما تعرفون، فكيف سنخرج من عنق الزجاجة؟البعض يلوم الولايات المتحدة على انسحابها، وكأنهم يريدون قواتها أن تبقى في العراق إلى أبد الآبدين بحجة الأمن. البعض الآخر يرى أن مشاكل الأمن كلها ناتجة عن وجود تلك القوات، أيّ حيرة يدفعنا إليها الفريقان؟ ولماذا لا يفكّر هؤلاء في الجلوس إلى طاولة واحدة ومناقشة الاحتمالين بروح الفريق الواحد؟ لو استطاع هؤلاء، وهم على الأغلب سياسيّون معروفون، تنفيذ جلسة مصارحة واحدة بينهم لخرجوا إلى الناس برأي موحد فنتحمّل نحن تبعاته، حتى لو كانت التبعات مُرّاً علقماً. لقد أدمن ساستنا الصراع، وتبادل عدم الثقة في ما بينهم. ولهذا، تصبح بالونات جسّ النبض هي السائدة في خططهم الماكرة. جرّبنا هذا الكلام منذ العام 2003.. ولم يخرج بينهم من يضع النقاط على الحروف كما فعل بريمر في مقاله المذكور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram