TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > جسر :العراق بعد الانسحاب.. نظرة من الخارج!

جسر :العراق بعد الانسحاب.. نظرة من الخارج!

نشر في: 29 أكتوبر, 2011: 05:48 م

 د. سعد بن طفلة العجمي عسى أن تكون نظرة الخارج العربي للعراق بعد انسحاب القوات الأمريكية خاطئة، لكن هناك انطباعا عاما بأن الأمور سوف تتدهور في الداخل العراقي بعد انسحاب الأمريكيين. أقول بأن هذا انطباع مبنٍ على حقائق، مع تمنياتي الصادقة أن يكون وهما لا أساس له.  ويبنى هذا الانطباع على المعطيات الآتية:
 ليست هناك دولة وحكومة قوية في العراق يمكنها أن تكون محور ارتكاز يلتف حوله العراقيون وتمثل طوائفه كافة ، بل يشعر القلقون على العراق أن الحكومة العراقية الحالية لم تستطع أن تحقق وحدة حكومية، وفيها أكثر من حكومة داخل مجلس الوزراء نفسه، ويدللون في الكويت مثلا على تصريحات وزير النقل هادي العامري التي تناقضت تناقضا صارخا مع تصريحات وزير الخارجية هوشيار زيباري حول ميناء مبارك الكويتي، فبينما يرى العامري أن بالميناء ضرراً للعراق، لا يرى زيباري ضررا من بناء الميناء الكويتي داخل المياه الإقليمية الكويتية. كما يبقى فراغ أهم حقائب وزارية في الحكومة العراقية بلا وزراء (الداخلية والدفاع والأمن القومي) كدليل آخر يسوقه المتشائمون على عدم قدرة الحكومة العراقية على التماسك بعد انسحاب القوات الأمريكية، وهو ما عبرت عنه الاعتقالات العشوائية الموتورة للحكومة لكل من كان بعثياً في النظام السابق. الاعتقالات التي جرت الأيام الماضية بحجة اجتثاث البعث أو بحجة مؤامرة تحاك للانقلاب على الديمقراطية العراقية شبيهة تماما بما كان يفعله البعثيون بخصومهم حين كانوا بالسلطة، فقد صفوا الخصوم في الماضي بحجة العمالة للامبريالية والاستعمار ... الخ المعزوفة المملة التي راح بحجتها آلاف الشباب العراقي. كما تعلق الحكومة العراقية أسباب فشلها في تقديم الخدمات وتحسين الحالة الأمنية على البعثيين والتكفيريين، وهي نفس حجج الدكتاتوريات في كل مكان: أعداء الثورة، وأعداء الدين، وأعداء الوطن...الخ. والواقع أن لدينا مقاربة في الكويت وإن اختلفت نوعا ما: فحكوماتنا الكويتية المتعاقبة منذ التسعينات وحتى اليوم لا تزال تعلق على الغزو العراقي للكويت أسباب فشلها في تنفيذ برامجها التنموية. إن الحالة العراقية اليوم تعيش توترا يسبق انسحاب القوات الأمريكية، وهو مطلب غير "ذكي" برأيي- أي مطلب الانسحاب، فالانسحاب يعفي الولايات المتحدة الأمريكية من المسؤولية القانونية التي ترتبت على الغزو والاحتلال، ويعطيها "صكا" بالبراءة مما آلت إليه الأحوال العراقية، وكان الأجدر بالساسة العراقيين أن يبقوا الأمريكان ليحملوهم المسؤولية ولا يعفوهم منها. وهذا درس تعلمه الليبيون، فعلى الرغم من سقوط دكتاتوريتهم بلا رجعة، إلا أنهم وعلى لسان رئيس مجلسهم الانتقالي مصطفى عبدالجليل يطالبون قوات الناتو بالبقاء حفاظا على أمن بلادهم، وإعطاء دور في ضبط الأمور التي ساهموا مساهمة فعالة في قلبها على عقب. أخيرا، فالعامل الإيراني في الشؤون الداخلية العراقية سيكون مفصليا في قدرة الفرقاء العراقيين على التوافق، وهو ما لا يبدو في الأفق، فهناك فريق عراقي حكومي تابع بالمطلق للتعليمات الإيرانية، وهناك من يشدد على أهمية استقلال القرار العراقي. ومن هنا، ستكون العلاقة مع إيران أزمة بحد ذاتها. الانسحاب الأمريكي من العراق، سيعطي العراقيين فرصة ليثبتوا أنهم قادرون على العيش معا والتعايش وفق دولة مدنية يحكمها قانون يطبق بالتساوي بين أبناء الشعب العراقي كافة.هل هذا ما سيتم؟ أتمنى! لكنني أشك!! أكاديمي وكاتب كويتيsaad@alaan.cc

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram