TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: متى تنتهي البروفة؟

عين: متى تنتهي البروفة؟

نشر في: 29 أكتوبر, 2011: 09:25 م

 عبد الخالق كيطانبالأمس كتبت عن "بروفة لما بعد الانسحاب الأميركي"، وبين الأمس واليوم استعرت حدة التصريحات بين مختلف السياسيين، كما شهدت المدن العراقية المختلفة فعاليات، بعضها فعاليات شعبية، تؤيد هذا التوجه أو ذاك لقادة البلاد، والأمر الذي يرشح من ذلك كله أن البلاد مقبلة على أوقات عصيبة بالفعل.
دعاة الأقاليم، بنسختها الجديدة التي دشنتها محافظة صلاح الدين، هم غير دعاة الأقاليم بنسختها التي دعت إليها البصرة قبل سنوات وفشلت في مسعاها. اليوم يتكرس واقع الدعوة إلى الأقاليم الطائفية. وبالرغم من أن المحافظات العراقية، التي تقول أنها تعاني التهميش والاقصاء، من حقها الدعوة إلى إقامة الأقاليم الخاصة بها، إلا أن الخوف كل الخوف من تبعات تلك الإعلانات. اليوم يدرس أعضاء مجلسي محافظتي الموصل والأنبار الأمر ذاته. وثمة محاولات لثني قادة صلاح الدين عن قرارهم بالرغم من المظاهرات المؤيدة التي اجتاحت عدة مدن في المحافظة. لغة التصعيد الحكومية مستمرة. فلقد تم جلب عدد من ضباط الجيش السابق، الذين اعتقلوا في الأسبوعين الأخيرين وأودعوا سجون الرمادي، إلى بغداد، خطوة أثارت ردة فعل كبيرة، ولكنها متوقعة في صفوف الأهالي. الأمر بدا وكأن الجميع ذاهب بقوة إلى اصطفاف طائفي يذكر بالأعوام الدامية، خاصة مع دعم الكتلة الشيعية إجراءات السيد نوري المالكي ووزير تعليمه العالي. وفي ظني أن ذلك كله سيظل في إطار البروفة التي تحدثت عنها بالأمس. ولكن السؤال: متى تنتهي هذه البروفة؟ لا أحد يستطيع التكهن بالفعل عن نهايتها. والفكرة المروعة تقول: أن هذه البروفة قد تصل إلى عرض متكامل بعد الانسحاب الأميركي، فتنزل المليشيات والأسلحة إلى الشوارع. سنكون هنا بأزاء حرب من نوع آخر. فالعراقيون جربوا الحرب الطائفية عندما بقي أمراؤها يديرون العمليات من وراء الستارة. الحرب الجديدة لن تحتاج إلى ستارة. فلقد كشف الجميع، خلال أيام البروفة، عن وجوههم الحقيقية وبتنا نعرف زعيم من هذا الذي يرتدي ربطة عنق حمراء وزعيم من ذاك الذي يهدد أمام الكاميرات. هل سينزلق الناس مع قادتهم؟ كثيرون يؤكدون أن الناس ملّت من الاقتتال. وهذا حق. ولكن المشكلة في أن الشعارات قادرة بالفعل على إشعال النيران من جديد وتحشيد ابناء هذه الطائفة ضدّ تلك. فهل نحن بحاجة إلى كلّ هذا التمرين؟ إن المقدمات موجودة بالفعل لمن يريد دراسة الحال العراقي. فقادة الطائفة الفلانية لا يخفون شعورهم بـ"التهميش" في القرار السياسي، بينما مواطنوهم يعانون من الاعتقالات بحجج لا تنتهي. وقادة الطائفة الثانية يتحدثون عن "قانونية" إجراءاتهم ودستوريتها، بينما مواطنوهم يعانون من فقر لا يصدق. صورة مثل هذه قد تقود إلى استنتاج مفاده أن القادة معزولون، ولكن مثل هذا الاستنتاج يصطدم مع قدرة الشعار على استثارة النفوس المتحفزة أصلاً. السلم الأهلي في العراق مجرد خرافة إذا لم تعمل الدولة على تدعيمه، وهي لم تفعل.نحن أمام شهور عراقية عصيّة، وما لم يجلس قادة القوم إلى بعضهم البعض، ويخرجوا إلى الناس بميثاق شرف بخصوص قضايا مصيرية مثل المصالحة، فإن دوامة العنف والعنف المقابل ستستعر من جديد. هل بيننا من يودّ أن تستعر هذه الحرب ثانية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram