TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بعد الذي حدث من متغيرات.. ما الذي نحتاج إليه ؟

بعد الذي حدث من متغيرات.. ما الذي نحتاج إليه ؟

نشر في: 30 أكتوبر, 2011: 06:37 م

طارق الجبوريلم يكن من الممكن عزل ما جرى في بولونيا في أواخر الثمانينات والتغييرات الكبير ة التي شهدتها البنى السياسية في تلك الدولة  عمّا تبعها من تطورات في مجمل المعسكر الاشتراكي وفي مقدمته الاتحاد السوفيتي . وكان واضحاً أن كل عمليات  "الإنعاش " التي بدأ بها غورباتشوف في ما سمي البيروسترويكا التي تعني إعادة البناء أو الغلاسنوست التي تعني الشفافية لم تعد قادرة على إيقاف زحف الإعصار الذي سيغير وجه العالم .
وبغض النظر عن الآراء التي تقول بان عملية البناء التي قادها غورباتشوف كانت ضمن مخطط كبير مناهض للاشتراكية، وهو ما أميل إليه، أو جاء بحسن نية، فان الواضح والجلي هو أن ثنائية القطبين، الاشتراكي ممثلاً بالمعسكر الاشتراكي، والرأسمالي ممثلاً بأميركا ومعسكر الدول الغربية  في طريقها إلى زوال.ولأننا في الغالب - سياسيين وكتاباً ومثقفين في دولنا-  كنا نخضع لثقافة التلقي البعيدة عن الاجتهاد، فقد بقيت رؤانا قاصرة عن استشراف الآتي والتهيؤ لما قد يحدث، عكس آخرين في المعسكر الرأسمالي الذي أتاح لهم مستوى الحريات مناخاً خصباً للإبداع واستشراف آفاق المستقبل والتغلب على الصعاب ووضع الخطط الكفيلة لتحقيق الأهداف. هذا ما سبقتنا به المنظومة الامبريالية وفهمته جيداً وعملت بجد على الإسراع بتحقيقه والنفوذ منه إلى المنظومات القيمية الأخرى سواء ما كان نابعاً من الفكر الاشتراكي العالمي أو القومي أو الوطني العام .. منظومات انتزعت مساحات واسعة من التأثير والسيطرة، من المنظومة الرأسمالية التي بقيت تتحين الفرص لتأكيد أنها الأصلح والأجدر بقيادة العالم ورفاهيته. كان الكثير يراهن بقرب ضعف وليس انهيار القطب الرأسمالي الأكبر - الولايات المتحدة الأمريكية - من خلال  التبشير بنشوء أقطاب متعددة أخرى كالقطب الأوربي الذي بدأت معالمه تتوضح في فرنسا من خلال الخط الديغولي، وتصاعد نجم القطب الصيني، وردد الكثير منا "في غياب الوعي" هذه المقولات ونمنا على أحلام يقظة ما كان لها أن تتحقق في غياب الحريات بأجمل معانيها .  في محيطنا العربي كنا في تلك الفترة أسيري تلك المفاهيم  وكانت الأنظمة المحسوبة على التيار التقدمي وبمختلف مشاربها وأصولها الفكرية وكتابها ومنظريها، متفقة من حيث المبدأ على خطورة النهج الرأسمالي وما يمتلكه من وسائل تأثير قادرة على زعزعة استقرارنا، لكنها ظلت عاجزة، لأسباب ذاتية محضة، عن رؤية الأسباب الحقيقية التي منحت النظام الرأسمالي قدرة اختراق عقلية شعوبها والتأثير فيهم، المتمثلة  بالحرمان شبه الكلي احياناً من الحريات، حتى صار اسم الاشتراكية مرادفاً للقمع والكبت  وفرض الرأي الواحد. في محيطنا العربي، ولا نظن أننا نبالغ، إذا قلنا إن من أكثر الأخطاء التي ارتكبتها التيارات الوطنية والديمقراطية  تكمن في منحها التزكيات لأنظمة  كانت تعد هذه التيارات من اخطر ما يهدد وجودها ، لذا فهي لم تتوان عن تصفيتها واحداً بعد الآخر وبمباركة أطراف منها مع الأسف صفقت للجلادين وهم يذبحون حلفاء الأمس دون أن يرف لها جفن. لا نريد أن ننكأ الجراح التي ساهم البعض منا بهذا القدر أو ذاك فيها، فضيع الأوطان قبل أن يبيع الوطنية بحسن نية أو بدونها، لكن هذه هي صورة الواقع المرير الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه من ضياع وغياب المفاهيم التي بقينا نرددها ونتلهف بسذاجة لتحقيقها في وقت كنا نعلن موتها في ضمائر الأجيال القادمة التي صحت لترى أن كل شعاراتنا زيف وان نظرياتنا لا تستحق ثمن الورق الذي كتبت عليه.. وان كل انتصاراتنا وهمٌ وسراب كاذب . كثيرة هي الأمثلة على ذلك وإذا أردنا أن نعود إلى جذور ما عرف بالنظم الوطنية  في محيطنا العربي منذ عبد الناصر رحمه الله حتى الآن ، لعرفنا مقدار ما اقترف من خطايا وليست أخطاء بحق الوطن والشعوب التي وضعت ثقتها بتيارات ارتدت لبوس الاشتراكية والديمقراطية والوحدة وعملت على نقيضها وعلى العكس منها وكانت النتيجة المزيد من القهر والحرمان . صحونا ولكن بعد حين لنضع أيدينا بيد الرأسمالية لتخلصنا من عبوديتنا التي طالت ولم يعد بمقدورنا أن نستعيد ولو الجزء اليسير من إنسانيتنا .. صحونا لنجد أن أحلامنا تبددت وان افكاراً ضاعت وأنظمة هوت وكل واحد يسأل نفسه هل انتصرت الرأسمالية حقاً ؟ وهل أن الفكر الاشتراكي محض خيال وديماغوجي لا يناسب التغييرات التي تجتاح العالم ؟ وأين نحن مما كنا نتحدث به عن المفاهيم الوطنية بعد كل الذي حصل ؟ أسئلة كثيرة ومحيرة خاصة بعد كل الذي شهدته منطقتنا من أحداث في العراق وتونس ومصر وليبيا وما يؤمل أن يحدث في اليمن وسوريا وغيرهما، رغم اختلاف ظروف كل بلد ومعاناته عن الآخر. بشكل متواضع سأسمح لنفسي بوضع ملامح إجابات على تلك التساؤلات عسى أن يبادر بعض أصحاب التجارب في الإجابة بشكل أعمق  وأوسع ، فأقول في ما يتعلق بالتساؤل الأول فانه من المبكر الجزم أو حتى القول بانتصار الرأسمالية . صحيح أنها حققت تقدماً ونجاحاً هنا وهناك  في جوانب ومنها بشكل خاص الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات التي لدينا ملاحظات بشأنها لكنها من جانب آخر أخفقت في جوانب أخرى وخاصة الاقتصادية. فهذا الفكر ليس كاملاً، كما يحلو للبعض أن يصور، ولا يخلو من إخفاقات تبدو جل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram