إحسان شمران الياسري نشرت صحيفة المدى يوم 24/10/2011 نص الرسالة التي أرسلها الشيخ محمد رضا الشبيبي رحمه الله إلى رئيس الوزراء الراحل عبد الرحمن البزاز رحمه الله.. ومع أنني قرأتُ وسمعتُ الكثير عن الشخصية الوطنية البارزة والشاعر والوزير الشيخ الشبيبي، لكنني تطلعت إلى ما ورد في الرسالة ووجدتُ فيها شجاعة بالغة في التصريح عماّ يُقلق شخصية وطنية خبرت الحياة منذ مطلع القرن العشرين. فالراحل الشبيبي يؤشر عدة قضايا لم يكن عمري ليسمح برصدها (الرسالة مقدمة يوم 28/ت1/1965)
أي قبل ستة وأربعين عاما.فهو يؤكد وجوب إعادة الحياة الدستورية للبلاد وإجراء انتخابات حرة وإنهاء الفترة الانتقالية.. ويؤكد أهمية تشكيل سلطة محايدة تشرف على الانتخابات. كما يُحذر من التفرقة الطائفية التي يرى إنها (مشكلة من مشاكل الحكم)، ويتطرق إلى تجربة الحكم الوطني منذ عام 1920، ولكنه يرى إنها استفحلت بعد القضاء على الجمهورية الأولى، ويؤكد أن (كثرة الشعب ساخطة جداً من روح التفرقة..) ويشير إلى التمييز في موضوع تولي وظائف الدولة، وحرمان حملة الشهادات العُليا من فرص العمل. وإن الدولة وأجهزتها ووظائفها ومجالات العمل فيها ليست وقفاً على طائفة دون أخرى (إنما توزع واجباتها حسب الكفاية). ويؤكد الشيخ الراحل أهمية دراسة القضية الكردية التي طال عليها الأمد، وأن العرب والكرد شُركاء في الوطن، لذا فلهم الحق في التمتع بحقوقهم المشروعة. وينوه بما تعرضت له النقابات في العراق من أوجه الضغط السياسي مما حرفها عن خدمة منتسبيها في حدود صلاحياتها وأغراضها المهنية. وطالب بإعادة النظر في قانون العمل بعد ظهور مشاكل لدى تطبيقه..ويشير بشجاعة إلى قرارات التأميم عام 1964 (القرارات الاشتراكية) باعتبارها أدت إلى تخبط وارتباك الأوضاع المالية والاقتصادية وزيادة البطالة وقلة الإنتاج وتبذير أموال الدولة وتهريب رؤوس الأموال وعجز الموازنة.ويُعرّج على أهمية القطاع الزراعي باعتباره مصدراً أساسياً من مصادر الثروة العامة. ويُقيمّ قانون الإصلاح الزراعي والأخطاء التي أدت إلى تخلف الزراعة، إضافة إلى رفض فكرة مصادرة الأراضي وأهمية تعويض أصحاب حق اللزمة الذين استولي على أراضيهم. ويبحث في قوانين الضرائب ويدعو لإعادة النظر فيها.. ويدعو إلى الشفافية في موضوع المفاوضات مع شركات النفط العاملة في العراق ويدعو الى أن تُعرض نتيجة المفاوضات قبل الالتزام بها على ممثلي الشعب (حين تعود الحياة الدستورية إلى البلاد ليقول الشعب كلمته فيها).إن الرسالة تمثل (بالنسبة لي) درساً في قوة الكلمة وتجردها وشجاعتها.. وقد قدمتْ معلومات ثمينة عن المرحلة التي تلت إخفاق الجمهورية الأولى في شباط/1963، واندحار الجمهورية الثانية نهاية عام 1964 وسلوك الجمهورية الثالثة خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف.. ويبدو إن غرائزنا الفكرية التي تلبدت بالغيوم، بحاجة إلى أن تقرأ مثل هذهِ الرسائل البليغة..
على هامش الصراحة:من التراث الديمقراطي العراقي
نشر في: 31 أكتوبر, 2011: 05:26 م