 حازم مبيضينأثار قرار محافظة صلاح الدين, التحول إلى إقليم إداري واقتصادي ضمن العراق الموحد, نزاعاً دستورياً وسياسياً بين العديد من القوى السياسية والحزبية, وبما يؤشر إلى ضبابية فهم مضمون وروح المادة 116 من الدستور العراقي, والتي تنص على حق كل محافظة أو أكثر في تكوين إقليم, بناءً على طلب بالاستفتاء عليه، فقد اعتبره رئيس الوزراء طلباً بني على خلفية طائفية ولحماية البعثيين، لافتاً أن تلك المحافظة كانت معقلا للإرهاب, مع تأكيده أن مجلس الوزراء سيرفض إقامة الإقليم المطلوب، وهذا موقف سياسي بامتياز ولا علاقة له بالدستور, نصوصاً محددة, ومضموناً يعترف بفدرالية الدولة العراقية.
القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، اعتبرت تصريحات المالكي تعبيراً عن عدم فهم للدستور والقانون، وأكدت أن مجلس الوزراء ملزم بحكم القانون وخلال 15 يوما بتحويله إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات, وتوفير القضايا اللوجستية لإجراء الاستفتاء عليه, وأن مجلس الوزراء لا يمتلك حق القبول أو الرفض, وأن الحديث عن إحالة الطلب إلى مجلس النواب خروج على النص الدستوري, لأن هذا المفهوم غير موجود في الدستور العراقي لا من قريب ولا من بعيد, وهذا أيضاً موقف سياسي بامتياز, يتعلق بالصراع بين دولة القانون والعراقية, ولا علاقة له بالدستور, ولا علاقة له أيضاً بحق محافظة صلاح الدين بالتحول إلى إقليم.  قرار المحافظة أيضاً سياسي بامتياز, لكونه اتخذ رداً على إجراءات وزارة التعليم العالي بفصل عدد من موظفي وأساتذة  جامعة تكريت من العمل, تنفيذاً لقانون هيئة المساءلة والعدالة، وكذلك رداً على حملة الاعتقالات التي شهدتها المحافظة في الأيام العشرة الأخيرة من هذا الشهر, وشملت العشرات من ضباط الجيش العراقي السابق, وأعضاء بحزب البعث المنحل, وهو بحسب هذا الفهم قرار لا علاقة له بتنفيذ بنود الدستور, ويعتبره البعض خطوة متسرعة غير محسوبة العواقب يمكن أن تؤدي الى تعريض وحدة البلاد للخطر، ويخشون من أن هذه الخطوة ستفتح الباب لكثير من المحافظات المهمة للحذو حذوها، ويعتبرون أن محافظة صلاح الدين ضربت مثلا سيئاً بتحديها كل الخطوط الحمراء التي تمس وحدة العراق وتجانس نسيجه الإجتماعي.مفوضية الانتخابات وحدها التزمت بالنص الدستوري، حين أعلنت أن ما أعلنته المحافظة باعتبارها إقليما لا يعني أنها شكلت ذلك الإقليم, وإنما بدأت بالخطوة الأولى لتشكيله، وأكدت أن طلب المحافظة يجب أن يحال إلى مجلس الوزراء خلال 15 يوماً, ومن ثم إلى المفوضية لتنفيذه، وأن التصويت على تشكيل الإقليم يكون بحضور نصف الناخبين وبالأغلبية البسيطة, وهي هنا اتخذت الموقف الذي يجب أن يكون ملزماً للجميع, بغض النظر عن المواقف السياسية, لان الدستور ملزم لكل العراقيين, سواء كانوا راضين عنه أم غير ذلك, خصوصاً وأن في بنوده ما يتيح التعديل والإلغاء لبعض الفقرات وهو يحدد الخطوات اللازمة لذلك, وأن المادة الخاصة بإنشاء الأقاليم ما تزال محل نقاش, وهي لا تحظى برضا الجميع, وخصوصاً من يعتبرون إنشاء الأقاليم خطوة في طريق تقسيم العراق.الدستور كما هو عند كل دول العالم, وكما يجب أن يكون في العراق, فوق جميع السياسات التي يجب أن تكون متوافقة معه, ولا تسعى للقفز على جدرانه, التي يجب أن تظل عالية وعصية على كل الاختراقات.