TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عثرات أنثى : المرأة العاملة فاقدة لمدلولات الأنوثة

عثرات أنثى : المرأة العاملة فاقدة لمدلولات الأنوثة

نشر في: 2 نوفمبر, 2011: 07:39 م

 ابتهال بليبل لا بدّ لي من الاعتراف بأن طريقة بعض الرجال في وصف شخصية المرأة العاملة.. تثير القلق.. وأن فظاعة هذا الوصف يتجلى بعدم التطابق بين اجتهاد ونجاح المرأة في عملها ومدلولاتها الأنثوية.. (أؤكد أن المرأة التي تعمل لساعات طويلة خارج نطاق واجباتها المنزلية هي امرأة فاقدة لأنوثتها)، هذا ما أصر على قوله أحد الرجال المثقفين والذي كان حاضراً في احد الاجتماعات التي تتحدث غالباً عن العمل، وقد أيّد رأيه هذا جميع الرجال الحاضرين.
أنا لا أنكر إعجابي بهذه الصراحة التي طرحها هذا المثقف، ليس لأنني من مؤيدي مقولة – المرأة لبيتها أو لأنها ما تزال وليدة تلك العصور التي تفرض عليها السير خلف الرجل عن بعد عشرة أمتار على الأقل، ولكن لأن موقف هذا الرجل ( الخاطئ ) ذكرني للوهلة الأولى بأنه مهما زادت ثقافة ومعرفة بعض الرجال تبقى أفكارهم مشحونة بظاهرة استعباد المرأة، وأن المرأة العاملة هي بالضرورة ليست أنثى، وكأنهم يحاولون إقناعنا بأن دورها كإنسان منتج يعطلها كامرأة.      هل كان عدلاً أن لا نطابق أفكار المرأة وسلوكها المهني ونجاحها مع جمالها وأنوثتها؟، وهل هناك ما يبرر اهتمام المجتمع بقضية ( الأنوثة ) وتحديد نظرته تجاه المرأة العاملة؟!.. إذن أنا هنا لا أطرح قضية ( الأنوثة ) بالذات، وإنما موقف المجتمع منها، وإلا لماذا تقدم أغلب المؤسسات والشركات بمختلف مجالاتها على توظيف النساء الصغيرات الجميلات بدلا من غيرهن؟!.  المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، وهيلاري كلينتون والمغنية ليدي جاجا وجيل ابرامسون وغيرهن ثماني رئيسات دول تصدرن العالم هذا العام بأقوى النساء، وإذا اسلّمنا جدلاً أن اختيارهن تم على أساس أنهن قياديات.. يظل السؤال: هل تم اختيارهن كأفضل النساء في العالم وفق مدلولاتهن الأنثوية؟!.  المسألة ليست هؤلاء النسوة، وقضيتهن، وأسماؤهن لا تعنيان شيئاً لي، المسألة في نظري هي مفهوم الأنوثة، هي نظرة المجتمع المتناقضة تجاه المرأة العاملة.. مجتمع لا يميز بين أفكاره وقراراته وأحكامه، مجتمع ينتقد المرأة العاملة وينعتها بالبشعة وفاقدة لأنوثتها، بينما يجاهد في البحث عن الجميلات ليشاركنه العمل في مؤسساته. لماذا توصف المرأة العاملة بأنها بشعة فاقدة لأنوثتها؟، وليس أنها تحترم عملها والآخرين... أليست المرأة التي تكون جادة في أداء مهمتها وواجبها المهني هي الأكثر صدقاً وأمانة؟!، إذاً متى تتغير نظرتنا الى المرأة بصورة عامة لنحكم بشيء لا يتطابق مع الواقع؟   والغريب أن هذا النوع من الرجال المثقفين، الذين يصفون المرأة العاملة بهذه الصفات، هم أنفسهم من يحملون شعارات حرية المرأة، ومبايعتها لنيل حقوقها!.. أرى ضرورة مواجهة هذا المجتمع الجديد، لأنه على ما يبدو لي ليس ضد المرأة العاملة الفاقدة لمدلولاتها الأنثوية، أنه ضد المرأة المثالية والناجحة، التي تهدد تناقضه، وبالتالي تحرضه على اتهامها بأنوثتها.. وكأنه مشهد يكرس مفاهيم العدالة الإنسانية والصدق الذاتي. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram