حسام الحاجناقوس أقلمة المحافظات العراقية دقّ من صلاح الدين، إحدى ثلاث محافظات سنيّة رفضت الدستور العراقي في سنة 2005 بسبب اعتماده الفيدرالية الاتحادية نظاماً لإدارة الحكم، تطور لافت على الطريقة العراقية، فكيف يمكن لشعب رفض الفيدرالية جملة وتفصيلا
واعتبرها بداية لتمزيق وحدة البلاد يتجه بعد مضي أقل من ست سنوات بحماسة منقطعة النظير لتأييد إنشاء إقليم فيدرالي؟rnلا يمكن الفصل بين الأبعاد السياسية التي دفعت المسؤولين المحليين في محافظة صلاح الدين إلى تقديم طلب لإنشاء إقليم "إداري واقتصادي" وبين البعد القانوني والدستوري الذي يغلف الإجراءات التنفيذية لإنشاء الأقاليم، كما لا يمكن الفصل بين العوامل الداخلية التي تغذي مطالبات أقلمة المحافظات وبين العوامل الإقليمية المساندة، فثمة إرادة سياسية داخلية وإقليمية أسهمت بتشريع قانون الإجراءات التنفيذية لتكوين الأقاليم رقم (13) لسنة 2008 برغم ما اكتنفه من سجالات سياسية ساخنة في حينها، فالأحزاب الشيعية لاسيما المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان يقبض على زمام المبادرة التشريعية من خلال ترؤسه "الائتلاف العراقي الموحد" اكبر الكتل النيابية في الدورة الانتخابية السابقة، كانت تدفع باتجاه تشريع القانون الذي يكرس قواعد النظام الاتحادي وينظم الإجراءات الخاصة لتكوين الأقاليم، فيما عارضت الكتل السنية التي كانت موزعة بين "جبهة التوافق العراقية" برئاسة عدنان الدليمي وطارق الهاشمي "وجبهة الحوار الوطني" بزعامة صالح المطلك وحاولت عرقلة تشريع القانون بأي وسيلة كانت ووصفته حينها بأنه يمثل أساسا لتقسيم العراق.rnالأبعاد القانونية لإنشاء الإقليمأربعُ مواد دستورية تنظّم عملية إنشاء الأقاليم ومنح الصلاحيات الإدارية والاقتصادية لها وهي المواد "118-119-120-121" وعلى الرغم من إسهاب تلك المواد في توصيف الأقاليم وتنظيم الإجراءات التنفيذية لإنشائها غير أنها لم تستوعب آليات تكوين الأقاليم بأكملها وتبدو غير قابلة للتنفيذ، أما القانون رقم 13 لسنة 2008 فانه لم يسهم بفك طلاسم المواد الدستورية حيث لم يوضح دور مجلس الوزراء في إمكانية قبول أو رفض الطلب المقدم من قبل المحافظات لتكوين الأقاليم، كما انه لم يصف العلاقة القانونية بين المحافظة التي ترغب بإنشاء الإقليم والمفوضية المستقلة للانتخابات في حال رفض رئيس الوزراء تحويل الطلب بالمدة القانونية المحددة بـ15 يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويقول الدكتور علي الزبيدي الخبير في القانون الدستوري بهذا الصدد "وفقا للفلسفة القانونية فأن نص المادة 119 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 منحت الحق لثلثي عدد أعضاء مجلس المحافظة أو عشر عدد الناخبين تقديم طلب لمجلس الوزراء لإجراء استفتاء يمهد لإنشاء الإقليم ولم يمنح مجلس الوزراء حق قبول أو رفض الطلب فالحق الأول هو حق دستوري لا يجوز تقويضه من قبل أي سلطة عليا"، ويضيف "قانون رقم 13 اظهر مجلس الوزراء وكأنه ساعي بريد حيث يقتصر دوره على توصيل طلب مجلس المحافظة إلى المفوضية في مدة محددة وقد يكون الأمر متعمدا من قبل المشرع كي يمنح حرية اكبر في اتخاذ القرار للشعب عن طريق استفتاء شعبي".واستنادا لأحكام الدستور فأن الطلب الذي قدّم من قبل محافظة صلاح الدين لا تكتنفه أي شائبة ويجب على مجلس الوزراء الالتزام بالمدة القانونية المحددة بـ15 يوما لإحالة الطلب إلى مفوضية الانتخابات لتقوم الأخيرة بالإجراءات التنفيذية المقررة في قانون الإجراءات التنفيذية لتكوين الأقاليم رقم 13 لسنة 2008، غير أن الفجوة القانونية الوحيدة التي قد تعترض طلب محافظة صلاح الدين تكمن في المادة السادسة من قانون الإجراءات التنفيذية لتكوين الأقاليم والتي تنص على أن "يكون الاستفتاء ناجحا إذا حصل على أغلبية المصوتين من الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم الانضمام إلى الإقليم وتعلن النتائج خلال 15 يوما من إجرائه على ألا تقل نسبة المصوتين عن 50 بالمئة من الناخبين".النص القانوني إذن نظم عملية إجراء الاستفتاء الشعبي ونسب المشاركة فيه وشروط نجاحه للمحافظات التي تروم الانضمام إلى الإقليم، ولم ينظم آليات إجراء الاستفتاء للمحافظات التي تروم تكوين الأقاليم. وهو خطأ تشريعي لا يقبل التأويل. ويقول الدكتور الزبيدي "من هنا يمكن لمجلس الوزراء إيقاف الإجراءات التنفيذية لتكوين الأقاليم بانتظار تعديل تشريعي يصدر من مجلس النواب تضاف من خلاله جملة (أو المحافظات التي تروم تكوين الأقاليم) إلى نص المادة السادسة من قانون رقم 13 لسنة 2008 أو تعديل تنظم بموجبه آليات إجراء الاستفتاء للمحافظات التي تروم تكوين الأقاليم".rnالأبعاد السياسية الإقليميةعملية تبادل الأدوار التي جرت بين القوى السياسية الشيعية والسنية حول مدى قبول أو رفض تكوين الأقاليم في غضون اقل من ثلاثة أعوام لم تكن مصادفة بريئة، فثمة ترابط لا يقبل الشك بين الثورات العربية التي عرفت بالربيع العربي وتأثيرها على الخارطة الشرق اوسطية وبين توقيت إعلان صلاح الدين إقليما "إداريا واقتصاد
دومينو أقلمة المحافظات العراقية

نشر في: 2 نوفمبر, 2011: 09:26 م









