TOP

جريدة المدى > سياسية > الفيدرالية والصراع على الثروات فـي العراق

الفيدرالية والصراع على الثروات فـي العراق

نشر في: 4 نوفمبر, 2011: 09:45 م

□ برلين/ د. ناجح العبيدي  في خطوة مثيرة للجدل أعلن مجلس محافظة صلاح الدين إصراره على تشكيل إقليم مستقل ماليا وادريا في المحافظة. كما تتعالى بين الحين والآخر الأصوات المطالبة بإقامة اقليم الأنبار في مناطق ذات أغلبية سنية. ولا يزال بعض أبناء البصرة يحلم بإنشاء إقليم مستقل في جنوب العراق ويسعى لتكرار المحاولة بعد فشلها في عام 2009.
وفي جميع الحالات يتطلع المؤيدون والرافضون للفيدرالية نحو ثروات النفط والغاز المكتشفة والمتوقعة في هذا المناطق.أما في كردستان وهي المنطقة الوحيدة التي نجحت في إقامة إقليم في جمهورية العراق الاتحادية وفق الدستور فإن جزءا أساسيا من الخلافات مع الحكومة المركزية يتركز حول النفط وحقوق التنقيب عنه وتصديره. وليس النزاع على كركوك ببعيد عن ذلك.كل هذه الأمثلة تبين وبما لايدع مجالا للشك أن جوهر الصراع في العراق يدور حول الثروة رغم محاولات القوى السياسية بمختلف ألوانها ومواقفها تغليف هذا الصراع بشعارات عن وحدة التراب الوطني والمصيرالمشترك ورفض النعرات القومية والطائفية وغيرها.وكما يقول مثل ألماني "عند النقود تنتهي الصداقات" فإن تجليات هذا الصراع هي ظاهرة طبيعية ويجب التعامل معها بصراحة بأمل التوصل الى حلول واقعية.وإذا كان النظام الفيدرالي المثبت دستوريا يبدو وكأنه سبب أساسي لهذا الصراع فإنه في حقيقة الأمر يمكن أن يقدم حلا مقبولا يحفظ حقوق الجميع في بغداد والبصرة وأربيل والرمادي ويراعي مصالح المناطق الغنية والفقيرة على حد سواء.فالفدرالية تعني في المقام الأول تقاسما عادلا للسلطة والثروة بين المناطق المختلفة. ومن هنا فهي تشكل صمام أمان للحيلولة دون عودة النظام الشمولي الذي ينشأ عادة نتيجة الاستئثار بعناصر القوة السياسية والاقتصادية.وإذا كانت التجربة الفيدرالية في العراق لا تزال تحبو على قدميها فإن تطويرها يتطلب أيضا إيلاء اهتمام أكبر بالجوانب الاقتصادية والمالية لها.  فلكي تستطيع السلطات المحلية ممارسة صلاحياتها المختلفة تحتاج أيضا الى ميزانية مستقلة وعلى أن تعتمد بالدرجة الأولى على مواردها الذاتية. وبدون ذلك يبقى النظام الفيدرالي مجرد هيكل شكلي فارغ من المضمون.ومع أن الدستور العراقي يتضمن عدة فقرات تتناول قضية إدارة الموارد المالية وتوزيعها بين المستويات المختلفة، إلا أن غياب اللوائح القانونية التنفيذية يترك المجال مفتوحا أمام الاجتهادات والمساومات غير المبدئية.ويعتمد دستور عراق ما بعد صدام حسين مبدأ اللامركزية في الادارة الحكومية في خطوة شكلت نقلة نوعية في تطور النظام السياسي للبلاد. فقد كفل الدستور للأقاليم وللمحافظات التي لا تنتظم في إقليم استقلالية كبيرة وصلاحيات واسعة لم تشهدها العهود السابقة.  وتستند هذه الاستقلالية بالدرجة الأولى الى أن حكومة الاقليم ومجالس المحافظات لا تعين من قبل المركز، بل تأتي عبر انتخابات مباشرة وبالتالي فإنها مسؤولة مباشرة أمام الناخبين. ومن دون شك فإن الاستحقاق الانتخابي يمنح السلطات المحلية القوة القانونية والمعنوية التي تمكنها من الوقوف أمام السلطات المركزية موقف الند للند ويدفعها على المدى الطويل للاهتمام بشكل أكبر بمصالح سكان المنطقة وتنميتها.بيد أن هذه الاستقلالية الادارية المثبتة دستوريا تصطدم بمعارضة قوية من مختلف القوى التي لا تزال تحبذ حكم القبضة الحديدية.  ، ولكن الواقع يبين أن السلطات المحلية لا تزال تعتمد في تمويل حصة الأسد من نفقاتها على ميزانية الدولة الاتحادية. وهي حقيقة تعطي لوزارة المالية في بغداد، وبغض النظر عن النوايا، سلطة فعلية لممارسة النفوذ والتأثير والتي يمكن استغلالها في ظل ظروف سياسية معينة.وكل ذلك يؤكد أهمية إيجاد نظام واضح لتوزيع الموارد المالية. وهو جانب أكد عليه الدستور العراقي الذي ينص على تخصيص  حصةٌ عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً للاقاليم والمحافظات وبما يكفيها للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار نسبة السكان فيها. .ومن هنا يجب التفكير بتطوير النظام المالي للبلاد بحيث تصبح للسلطات المحلية أيضا ميزانية مستقلة تعتمد بالأساس على مصادرها الذاتية وبما يؤدي في نهاية المطاف الى تقليص التبعية المالية السائدة حاليا بين الأطراف والمركز، وبما يضمن تعزيز مبدأ اللامركزية.من جانب آخر يتطلب تطوير الاستقلالية المالية للسلطات المحلية قبل كل شيء التوصل الى تفاهمات حول توزيع عائدات النفط في ظل أجواء تتصف بالريبة والحسد والشكوك المتبادلة.حتى الآن  تكاد هذه الموارد تذهب بالكامل لصالح المركز في بغداد، بينما لا تحصل المناطق المنتجة للذهب الأسود إلا على الفتات في تطبيق عملي لقول الشاعر "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول".ومع انعدام الرقابة شكل هذا التركيز المفرط للموارد أساسا اقتصاديا وماليا لنشوء الديكتاتورية. ولتلافي ذلك لا بد من الاتفاق على تقاسم عادل للثروة يساهم أيضا في تهدئة المخاوف من استئثار المناطق المنتجة بكل "الكعكة" النفطية.وقد حاول الدستور العراقي حل هذه المشكلة عبر منح الحكومة الاتحادية حق إدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية، مع التأكيد على ضرورة توزيع العائ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اتهامات
سياسية

اتهامات "القتل" و"الاجتثاث" تغير نتائج الانتخابات في اللحظات الأخيرة

بغداد/ تميم الحسن بعد مرور نحو شهر على الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما تزال "مقصلة الاستبعادات" مستمرة، لتعيد خلط أوراق القوى السياسية الفائزة. فقد ارتفع عدد المرشحين الفائزين الذين جرى "حجب أصواتهم" أو "إبعادهم" أو...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram