عدنان حسين من المفروض ان لدينا مديرية للإرشاد الصحي وأخرى للوقاية الصحية تابعتين لوزارة الصحة. أقول من المفروض لأنني قبل أن أشرع في كتابة هذا العمود دخلت الى موقع وزارة الصحة في شبكة الإنترنت فلم أجد بين تشكيلات الوزارة المعلن عنها في الموقع مثل هاتين المديريتين ولا أية أخبار أو بيانات تدلّ على وجودهما.
في الماضي كانت هناك مديرية للإرشاد الصحي عرفناها مذ كنا في المدرسة الابتدائية، ففرق المديرية كانت تقوم بزيارات سنوية أو نصف سنوية للمدارس وتعطينا إرشادات تتعلق بالنظافة وبكيفية تجنب الأمراض، وفي الغالب كان عمل تلك الفرق يتضمن عرض أفلام سينمائية.وعندما كبرنا تعرّفنا الى مديرية الوقاية الصحية التي اشتهر في حقبة السبعينات أحد مدرائها، هو الدكتور سعدون التكريتي الذي كان دائم الحضور عبر شاشة التلفزيون للحديث في مسائل الوقاية الصحية، وكان في الحق ممن ساهموا في نشر الوعي الصحي بين الناس.اذا لم يعد للإرشاد الصحي والوقاية الصحية وجود في وزارة الصحة فهذه مشكلة حقيقية لأننا الآن في أمسّ الحاجة الى الإرشاد الصحي والوقاية الصحية، فالوعي العام للناس قد تدنّى كثيراً في ظل الحروب المتصلة وسوء الأحوال المعيشية في عهد النظام السابق وفي ظل الإهمال الذي يطول كل مناحي الحياة في عهد النظام الحالي غير الزاهر. هذا التراجع في الوعي العام يشمل الوعي الصحي. ومَن يمشي في شوارع مدننا وبين أحيائها، بما فيها العاصمة بغداد، أو يرتاد مطاعمها ومقاهيها لا يصعب عليه الخروج بالانطباع بان الوعي الصحي لا وجود له تقريباً حتى داخل البيوت، وهذا مما يفضحه الانتشار الواسع لظاهرة بيع المأكولات والمشروبات في الهواء الطلق. وبخلاف المدلول المتعارف عليه لمصطلح الهواء الطلق، فان هواءنا الطلق ليس منعشاً بل هو مشحون بالأوساخ التي تحملها الريح من شوارعنا القذرة للغاية. مطلوب على نحو عاجل تشكيل جهاز فعال بصلاحيات كاملة للإرشاد الصحي والوقاية الصحية للقيام بحملات شاملة في المدارس والجامعات وفي الأحياء السكنية والقرى تهدف الى رفع الوعي الصحي للناس، على أن يقترن ذلك بعمل متزامن من الدوائر البلدية ووزارة الداخلية لمنع بيع الأطعمة والمشروبات في الأماكن المكشوفة (وسط الشوارع وعلى أرصفتها) ولرفع مستوى النظافة في المطاعم والمقاهي ومحال بيع الأغذية خصوصاً.بالتأكيد ان آلاف الحالات المرضية التي تستقبلها المستشفيات والمستوصفات يومياً في مختلف مناطق البلاد ناجمة عن تناول الأطعمة والمشروبات المكشوفة، وهذا يعني ان ملايين الدولارات تذهب هدراً سنوياً على معالجة هذه الحالات.ان هذه الملايين كافية لأن تغطّي برامج الإرشاد والوقاية الصحية، واذا كانت لا تكفي فانه يكفي أن يتنازل حرامية المال العام عن واحد في المئة مما يسرقونه لكي نوفّر مئات الملايين من الدولارات، وهي كافية بالتأكيد للإنفاق على برنامج كهذا للإرشاد والوقاية الصحيين.
شناشيل :أين الوقاية الصحية؟
نشر في: 4 نوفمبر, 2011: 09:50 م