TOP

جريدة المدى > محليات > الأطفال أيضا يخوضون حروبهم

الأطفال أيضا يخوضون حروبهم

نشر في: 11 نوفمبر, 2011: 09:03 م

 الموصل/ عادل كمال  قبل أيام من حلول عيد الأضحى، أكملت محال بيع لعب الأطفال والبقالة في أسواق وأحياء مدينة الموصل السكنية، ترسانتها من الأسلحة البلاستيكية، وأخذت تزوّد بشكل علني أولياء الأمور بما يفاجئون به أبناءهم صباح العيد، رغم قرار اتخذه مجلس محافظة نينوى قبل سنة بحظر تداول هذه الألعاب لخطورتها، وتأثيراتها السلبية على نفسية الأطفال.
قرار المجلس هدد بفرض غرامات مالية على المتاجرين بلعب الأطفال التي على شكل أسلحة، وأمهلتهم حتى نهاية العام 2010، لتصريف اللعب الحربية التي كانوا يعرضونها، غير أن عملية بيعها لم تتوقف يوماً، لارتفاع الطلب عليها، ولتعدد المنافذ التي تستورد منها.رقابة المجلس منصبة فقط على المعبر الحدودي في ربيعة بين نينوى وسوريا، وفيما يخص باقي المنافذ وهي متعددة، فما زالت قرارات الرقابة حبراً على ورق، وفق مصادر في مجلس المحافظة.قاذفات صواريخ، بنادق ومسدسات متنوعة، رمانات يدوية هجومية ودفاعية، أجهزة لاسلكي، مناظير نهارية وليلية، أصفاد، وذخيرة مختلفة الأنواع، يمكن وبسهولة تامة العثور على أكداس منها في أسواق الموصل.تلك الألعاب لقيت رواجاً كبيراً في السنوات الماضية، رغم أن الوضع العام في المدينة يشير إلى رغبة في نسيان الحرب، ولاسيما بعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من نينوى في السابع عشر من تشرين الأول الماضي.الباحث الاجتماعي د. وعد أمين ينفي أن تكون الأسلحة البلاستيكية بدعة دخلت مع الاحتلال الأميركي إلى العراق في العام 2003. وقال رداً على من يتحدثون في هكذا أمر أن العراق تحول إلى معسكر كبير منذ أول صفارة إنذار في الحرب العراقية - الإيرانية في العام 1980، وتجيّش كل شيء بدءاً من الدوائر الحكومية مروراً بقطاعات الرياضة والصناعة وصولاً إلى الجامعات، "حتى الطفولة ارتدت ثوب الحرب، وصارت تقاتل في المنازل والشوارع".ويلفت أمين إلى تراجع الاهتمام بألعاب الأطفال في سنوات الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على العراق بين عامي 1991 و2003،  "انخفاض دخل الأسرة العراقي على نحو كبير، وشيوع الفقر لدرجة أن كثيراً من الآباء كانوا عاجزين عن شراء الدواء لأطفالهم، جعل من الطبيعي ألا تتوفر لعب الأطفال في الأسواق".لكن الشغف بأدوات الحرب لم يكن قد انتهى. ويؤكد الباحث الاجتماعي أن الأطفال في تلك الفترة وجدوا بدائل رخيصة وعملية، فلجؤوا مثلا إلى نزع الكبريت عن أعواد الثقاب، وأخذوا يجمعونها في أوراق الألمنيوم التي يغلف بها باطن علبة السجائر، فتصبح كرات صغيرة، ينهالون عليها بالحجارة أو المطارق، فتحدث أصواتاً تشبه أصوات الألعاب النارية أو حتى إطلاقات النار العادية، وهو أمر شائع لغاية الآن.شوارع مدينة الموصل بأكملها تشهد تواجداً مكثفاً لقوات الجيش، وهناك نقاط تفتيش ممهورة بها مداخل الأحياء السكنية، والجميع مدججون بالسلاح. والأطفال كما يؤكد خبراء في علم النفس، مهووسون بتقليد الآخرين. ومنظر الجندي وهو يحمل حراباً ورمانات ومخازن عتاد وبندقية ومسدساً وأصفاداً، وجهازا لاسلكيا، جاهز للتقمص بالنسبة للطفل، وقد أدى ذلك إلى نتائج كارثية في الموصل، فقد سجل مركز شرطة في حي النبي يونس في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، شكوى تقدم بها أحد أولياء الأمور عام 2007 ضد القوات الأميركية، مدعياً أنها أصابت طفله البالغ من العمر خمس سنوات بإطلاقة نار في ساقه.وبحسب ضابط شرطة كان قد اطلع على أوراق الدعوى، فإن الطفل كان يحمل لعبة أطفال على شكل قاذفة، وبدا من بعيد وكأنه تهديد حقيقي. وقد اكتشفت الدورية الأميركية خطأها الفادح بعد أن فتحت النار، وأسعفت الطفل فوراً.حوادث كثيرة وقعت في مدينة الموصل، بين عامي 2006 و2008، ذهب ضحيتها أطفال بالخطأ، بسبب حيازتهم لعباً تبدو وكأنها أسلحة حقيقية. وفي هذه الفترة تحديدا كان العنف قد سجل أعلى مستوياته، والموصل برمتها أصبحت ساحة حرب بين مسلحين أشباح يظهرون ويختفون في الشوارع والأزقة، وجنود أميركيين أو عراقيين غاضبين."نقاش" حاولت الحصول على إحصائيات دقيقة بهذا الشأن، غير أن مديرية الشرطة، وصحة نينوى امتنعتا عن ذلك لعدم توفرها، رغم أن تسريبات من الجهتين أكدت وجود حوادث مماثلة لغاية الآن، أبطالها بعد خروج الأميركيين، عناصر في أجهزة الأمن العراقية، هم في الغالب قليلو خبرة، يعتبرون وبشكل غريزي كل ما حولهم عدواً، ولا يترددون أبدا في إطلاق النار.يؤكد ذلك طبيب مقيم في المستشفى الجمهوري وسط الموصل فضل عدم الكشف عن اسمه، أشرف بنفسه على إسعاف ومعالجة عدد من الأطفال أصيبوا بأعيرة نارية مصدرها جنود عراقيون أو رجال شرطة. بعض هؤلاء الأطفال بحسب الطبيب، كانوا يلهون بمسدسات أو بنادق بلاستيكية أو مزيّفة لحظة إصابتهم. من ناحية ثانية، يقول الطبيب بأن مستشفاه تتلقى في الأعياد أو الأيام التي تتبعها، العديد من حالات الإصابة التي يتعرض لها الأطفال في أطرافهم، أو في مناطق الوجه والرأس، وكانت هناك حالات حروق بعضها شديدة بسبب الألعاب النارية. مع أول تكبيرة عيد، تنطلق حرب شوارع الأطفال في مدينة الموصل، وتبدأ في العادة بأصوات المفرقعات التي تعرف شعبيا بالـ "زنبور"، ثم يتطور الأمر إلى تبادل بإطلاق الأعيرة الصوتية، أو البلاستيكية. يحدث ذلك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

المستشفى البيطري في ذي قار يستغيث من نقص الأطباء ويدعو لرفده بـ250 طبيباً لمواجهة
محليات

المستشفى البيطري في ذي قار يستغيث من نقص الأطباء ويدعو لرفده بـ250 طبيباً لمواجهة "الحمى القلاعية"

 ذي قار / حسين العامل دعت إدارة المستشفى البيطري في ذي قار الى التعجيل بسد العجز في الملاكات البيطرية وذلك لمواجهة مخاطر الامراض الوبائية والحد من انتشار مرض الحمى القلاعية، مشيرة الى ان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram