د. مهدي صالح دوّايوفقاً" لمصادر البنك المركزي العراقي، فان متوسط دخل الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي قد بلغ ( 4500) دولار أمريكي لعام ( 2011)، إذ مثّـّل بذلك زيادة قدرها ( 500) دولار عن العام الماضي، ومع أن مؤشر متوسط دخل الفرد، لا يعبر بدقة عن متضمنات وحقائق الأداء الاقتصادي بسبب التفاوت في توزيع الثروات محليا" ، والتفاوت في توزيع السكان دوليا"، إلا انه من المؤشرات الاقتصادية المعتمدة محليا" ودوليا" لرصد حالات الإخفاق والتطوّر في برامج النمو والتنمية من جهة، ولتأمين العديد من المقارنات في الأداء الاقتصادي لدول العالم من جهة ثانية، مما يعد من أساسيات رسم السياسات والخطط المستقبلية للنهوض بالمستوى المعيشي لأفراد المجتمع.
وبعد أن حددت الأمم المتحدة مستوى خط الفقر العالمي بـ ( 600) دولار أمريكي سنويا"، فان العراق وفقا" لمتوسط دخل الفرد فيه يبتعد عن ذلك الخط المشؤوم عندما ننظر للأمور بتجرد بعيدا"عن التفاوتات في توزيع الدخل جغرافيا" وديموغرافيا"، إذ أن الخوض في تلك التفاصيل سيفضي الى حقائق سلبية بحاجة الى المزيد من الإجراءات والسياسات التصحيحية الداعمة لمستوى معيشة الفرد العراقي. فقد أشارت تقارير الأمم المتحدة بوجود ما يقرب من ( 7) ملايين عراقي من هم دون خط الفقر، في حين يصل متوسط دخل الموظف العراقي الى ( 6000) دولار أمريكي سنويا، وهذا مؤشر يبين ضعف القطاع الخاص في توفير فرص عمل قادرة على امتصاص البطالة في العراق قياسا" بالدور الايجابي للقطاع العام في المرحلة الانتقالية الراهنة، في حين تؤدي صدمات التضخم الى تآكل جزء كبير من القوة الشرائية للدينار العراقي، مما يعبر أحيانا" عن وهمية الارتفاعات المستمرة في الدخل النقدي المستلم من القطاعين الخاص والعام. إن وضع هدف (9000) دولار كمعدل لدخل الفرد لعام 2016 في ظل برنامج وطني لمكافحة الفقر، يتطلب التركيز على حزمة من الإجراءات النقدية والمالية، تتعلق الأولى بإسعاف قيمة الدينار العراقي لضمان انسيابية السلع والخدمات الأساسية الى المستهلك، وبذلك يتم المحافظة على مكتسب معدل دخل الفرد الحالي، وتتعلق الثانية بتعزيز حجم ونوع النفقات التحويلية التي مصدرها الضرائب والرسوم باتجاه دعم الطبقات الفقيرة لما لهذه الوسيلة المالية من دور ايجابي في إعادة توزيع الدخول، مع إمكانية رصد أنواع إضافية من الضرائب مع توقع ادوار فاعلة للاستثمارين المحلي والأجنبي ، إضافة لما تمارسه الموازنة الاستثمارية من ادوار مهمة في الأمدين المتوسط والطويل لمعالجة مشاكل البطالة وتحسين مستويات الدخول. إن مؤشر دخل الفرد سيعمل على تحقيق نتائج ايجابية أخرى غير مادية تتعلق بمكاسب سياسية واعتبارية للفرد العراقي في عالم شديد الرصد لأداء الدول اقتصاديا، فوصول دولة قطر الى مستوى قياسي عالمي لمتوسط دخل الفرد ( 90000) دولار سنويا" – على سبيل المثال – فان ذلك يعني العديد من المدلولات الداعمة للقيادات السياسية والاقتصادية والتشريعية في تلك الدولة، من هنا فان بناء اقتصادنا الجديد لا بـد أن ينطلق من الفرد عندما يكون الوسيلة والهدف.
فضاءات: مــداخــلــــة
نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 07:06 م