عبد الخالق كيطان نسارع في البدء إلى التذكير بأننا نقصد بالإسلاميين جماعات الإسلام السياسي المتأهبة للقفز إلى السلطة في غير بلد عربي. وقد صارت هذه الجماعات اليوم مصدر خوف للكثير من الشباب العربي الذي يحلم بالحرية. والحق طبعاً مع هذا الشباب، فتجربة العراق مع هذه الأحزاب لا تبشر بخير على أي حال. يحتدم النقاش اليوم بين مؤيدين للربيع العربي وآخرين يرون فيه "مؤامرة" غربية تقضي بصعود الإسلام السياسي
إلى الوجهة وتنفيذ نظرية قطعة الحلوى التي ستجذب الجهاديين من بلدان العالم الغربي إلى الدول الأم ما دامت تعيش تحت سلطة الأحزاب الإسلامية التي تنادي بذات الشعارات التي ترفعها تلك الحركات. ومن واجب المتحاورين الاعتراف بالثقل الجماهيري للفكرة الإسلامية في بلداننا العربية، وبالتالي فإذا ما اختار الناس هذا الحزب الإسلامي او ذاك فالأمر عائد إليهم هم وحدهم، وهذا من أبسط شروط الديمقراطية وفي أبسط تعريفاتها. ولكن السؤال الجوهري هنا: لماذا يصور البعض الجماعات الإسلامية بعبعاً يجب محاصرته في قبو قبل خروجه إلى العلن؟ وهل فكرة أن تقود تلك الجماعات البلاد التي تتواجد فيها فكرة خاطئة تماماً؟ ما دور دول ترفع الهوية الإسلامية، مثل إيران والسعودية وتركيا، في الذي يجري؟ وهل حقاً أن تجربة العراق مع الأحزاب الإسلامية تؤشر لخطر مستقبلي على دول الربيع العربي؟ وأخيراً: هل علينا البقاء أسرى معادلة: المستبد العربي أو الأحزاب الإسلامية؟ بالطبع بإمكان الباحث أن يصل إلى الكثير من التحليلات والإجابات حول هذه الأسئلة، وتظل كلها مجرد تخمينات قد لا تقود إلى الحقيقة المودعة في مستقبل المنطقة. ولا ندعي، نحن بدرونا، أننا نمتلك الإجابات القطعية لمثل هذه الأسئلة، على أن تصوير الربيع العربي بوصفه محاولة مدعومة أميركياً وغربياً لصعود تيارات جديدة للحكم، تختلف وما شهدناه في النصف الثاني من القرن الماضي، فيه بعض الشطط، من وجهة نظري المتواضعة. من المؤكد أن للولايات المتحدة، وحلفاءها، مصالح في بلاد العرب، ولكن هل كانت الأنظمة التي تساقطت ممانعة للمصالح الأميركية؟ وكيف تجلت ممانعتها؟ إذا كانت الشعارات تمثل ممانعة فبإمكان أي مخبول أن يخرج إلى الشارع في هذه العاصمة أو تلك ويرفع ما طاب له من شعارات معاداة الإمبريالية وأميركا والغرب وما إليه. الوضع اليوم في العالم العربي يشبه ما كان عليه في بدايات القرن الماضي. شعوب تتعرض للقهر والتنكيل من حكامها، وهي تتوق إلى الحرية بمعنى الكلمة. أما من يريدون رسم ثورات على مقاسات معينة فهذا أمر لا يمكن أن يكون، لأن الثورات تخلق عنفاً، وتخلق أنظمتها التي تتوالد منها. ليخرج الإسلاميون إلى العلن، وليذهبوا إلى صناديق الاقتراع حالهم حال الآخرين.. وإذا ما حصلوا على نسب تصويت تؤهلهم للفوز بالسلطة فهذا حقهم. نعم، نحن نئن من أحزابنا الإسلامية، ولكن: من الذي أوصلها إلى الحكم؟ ألسنا نحن؟ ومع ذلك كله، فالشباب العربي الذي يخرج إلى الشوارع مطالباً بالحرية ليس كله تابعا للتيارات الإسلامية. وعلينا أن ندرك هذه الحقيقة. المهم الآن هو الخلاص من العبودية، وبعد ذلك يأتي التخطيط لمستقبل البلدان. وغداً نكمل
عين :بعبع الإسلاميين
نشر في: 14 نوفمبر, 2011: 08:25 م