بغداد / جلال حسن لم يكن أمام سليمة قاسم إلا أن تعمل (بسطة) صغيرة تبيع فيها لعباً للأطفال في السوق الشعبي القريب من دارها . سليمة كثيرة الشكوى وهي لا تخفي معاناتها من مسؤولية تربية ابنائها الاربعة وهموم المعيشة وذهابها كل بداية أسبوع الى دائرة رعاية المرأة من أجل الحصول على راتب يسد بعض النفقات .
ومشكلة سليمة عامة ليس لانها بلا معيل أو سند لان زوجها قتل في أعمال العنف , وإنما مشكلة كثير من الأرامل في البلاد والتي وصلت أعدادهن الى ما يقارب أكثر من مليون أرملة بحسب تصريحات منظمات إنسانية ولكن الرقم الحقيقي ربما أكثر لان كثيرا من الأرامل لم يسجلن في بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية . وعلى الرغم من تراجع العنف في البلاد خلال أكثر من عام ،ولكن تضاف الى أعداد الارامل نسب من ارامل الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الاولى 1991، فضلا عن أعمال العنف الطائفي بعد عام 2003 ووفقاً لبحث اعدته منظمة الاغاثة العالمية، فمن بين كل خمس ارامل في العراق، ثلاث فقدن أزواجهن جراء عمليات العنف ، وطالبت المنظمة، الحكومة ببذل المساعي بالاهتمام بشريحة الأرامل ومعالجة مشكلاتها، كاشفة في الوقت نفسه عن وجود 15 مليون امرأة في العراق، 10 % منهن ارامل. ولكن احصائية وزارة التخطيط التي اعدتها عام 2007 أشارت الى انه من مجموع 8 ملايين و500 الف امرأة ممن تبلغ اعمارهن بين 15-80 عاماً، فان عدد الارامل اقترب من المليون.وتقول زهراء عبد النبي، 38 عاما وهي من اهالي مدينة الصدر أنها فقدت زوجها بحادث تفجير عام 2006 ودعت الحكومة الى الاهتمام بشريحة الارامل ودعمهن اقتصاديا واجتماعيا نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعشنها واعالة ابنائهن وبناتهن بعد فقد ازواجهن”.واضافت عبد النبي لدي ولدين وابنتين وهم طلاب في المرحلة الثانوية، وليس لي مصدر معيشي سوى ما نتقاضاه من شبكة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، والذي يبلغ نحو 150 الف دينار كل شهرين وهو ما لا يكفي لمصروف عدة أيام.أما الارملة نادية من حي الجهاد فتقول: قتل زوجها وثلاثة من أشقائها، وقد توفي والداها، ودمر منزلها، وكانت حاملا في ذلك الوقت ففقدت جنينها.وهي الآن تعيش عند أحد أقربائها في بغداد. وتقوم بإعداد الطعام وبقية الاعمال المنزلية، لكن سكن اقربائها هو المكان الوحيد الذي يحميها من المخاطر الكثيرة التي تحدق بالأرامل. وتضيف نادية: بعد وفاة زوجي عثرت على عمل كمنظفة في أحد المنازل، لكن رجلا وشقيقه حاولا انتهاز الفرصة والاعتداء الجنسي علي لكنني رفضت. أما ابن شقيقي وهو مدمن للخمر فقد اعتاد على ضربي واهانتي. وتهتم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهي واحدة من تلك الجهات التي أخذت على عاتقها متابعة ملف النساء عبر دائرة رعاية المرأة بشؤون النساء الأرامل والمطلقات وفاقدات الأزواج، كما وتعنى بالقاصرين في حضانة الامهات. وكانت هذه الدائرة تابعة لمكتب رئيس الوزراء، لكنها ألحقت بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية أواخر عام 2008. واستطاعت نقل ملفات أكثر من ستة وسبعين ألف أرملة وثمانية وعشرين ألف مطلقة وستة وخمسين الف فاقدة الزوج إلى دائرة رعاية المرأة. وتنفذ الدائرة برنامجين الاول يقدم معونات مالية بشكل رواتب شهرية للنساء من غير الموظفات وممن ليس لديهن راتب تقاعدي مع الأخذ بنظر الاعتبار شمول القاصرين من الأبناء دون سن الـ18 سنة. وقد حددت دائرة رعاية المرأة المعونات المالية التي تدفع الى المستفيدات بمئة ألف دينار للشخص الواحد، مع إضافة خمسة عشر ألف دينار لكل طفل، ليصل مجموع المعونة الى مئة وخمسة وسبعين ألف دينار للعائلة المتكونة من ستة أفراد فأكثر، وهناك الآن محاولات لزيادة الحد الأدنى لرواتب إعانات شبكة الرعاية الاجتماعية. أما البرنامج الثاني فيعنى بتأهيل وتدريب النساء تتناسب وقدراتهن من خلال دورات تقيمها الوزارة،إضافة إلى مشاريع عديدة نفذت منها فتح مراكز تدريبية ودور رعاية ومشاريع تشغيل الأرامل والمطلقات في العديد من المحافظات.
ازدياد الأرامل واقع مأساوي بانتظار المساعدة

نشر في: 15 نوفمبر, 2011: 09:09 م