TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :سـولة

سلاما ياعراق :سـولة

نشر في: 15 نوفمبر, 2011: 10:22 م

 هاشم العقابي بعد ان انقرضت ظاهرة الاستبداد في اوربا، اختفت معها الدراسات والتحليلات التي كانت تهتم بها وذلك بفعل انتفاء الحاجة لها. شانها في ذلك شأن الزائدة الدودية أو مرض الجدري والطاعون التي لم تعد تحظى الا بالقليل من اهتمام الجامعات الطبية والعلمية.
لكن تلك الظاهرة ظلت في نمو وتطور مستمرين بالشرق خاصة في العالم العربي. ورغم استفحالها عند العرب، لم يعرها المختصون اهتماما ملحوظا الى حد ان حتى الحديث عنها كاد ان يختفي لولا نهضة الشعوب العربية الأخيرة بوجه الطغاة في أكثر من بلد عربي. نهضة لم يقف وراءها علماء باحثون أو مثقفون أو سياسيون بل كانت نهضة عفوية خالصة فاجأت اغلب الحسابات والتوقعات. ورغم سقوط ثلاثة طغاة عرب، في اقل من عام واحد، نجد ان الواقفين منهم على طريق السقوط لم يتعظوا أو يخرجوا بحكمة واحدة من تجربة الذين سقطوا. ليس هذا، حسب، بل ان الواقع يكشف يوميا عن انهم ازدادوا تمسكا بكراسيهم مهما مالت أو اهتزت. وهذا ما يمثله بامتياز كل من صالح باليمن والأسد بسورية. والأسد قد يكون هو المثل الأقرب لما اشرت اليه.  اجهدت نفسي، لأعرف سر هذا العناد الذي ركب رأس الاسد وجعله يتمسك بكرسي وصل ثمنه دماء وجثثا ملأت الشوارع والطرقات والى ان يتحمل شتم الناس له ولابيه واخيه، بعد ان كان الناس تتجنب ذكر اسم "الاسد" في حدائق الحيوانات فتسميه، من خوفها، "سبعا". حقيقة لم اكتشف السر حتى بعد ان استرجعت في ذاكرتي ما قرأته في  "كتاب طبائع" الاستبداد للكواكبي و"الطاغية" لإمام عبد الفتاح إمام، وكذلك ما كتب من بحوث حول نفسية الطغاة كهتلر وموسيليني وغيرهم. وبعد ان خذلتني الذاكرة في ايجاد سبب منطقي لتفسير تمسك الاسد بالسلطة وباي ثمن،  خطر ببالي شيء، رغم بساطته،  وهو ان الاستبداد قد يتحول عند عشاقه الى "سولة". و"السولة" مثل العادة تكون، على الاغلب، فعلا لا اراديا. مو بيده.ربما كنت قد اجد سببا منطقيا  لعناد الاسد لو ان السوريين كانوا، بدل التوانسة، اول شعب عربي يثور على حاكمه. وهنا قد يكون له الحق في ان  لا يصدق ان شعبا عربيا يستطيع اسقاط حاكمه مهما طغى. لكن الرجل شاهد بأم عينه ما حل بزملائه الطغاة من قبله. فما الذي يمنعه من ان يصغي لمطالب شعبه لينقذ نفسه قبل ان ينقذ بلده الذي يدعي انه حريص عليه؟ لا اظن المانع غير ان الرجل صار عنده التمسك بالحكم "سولة". انها "السولة" أو "الدودة" ذاتها التي اصابت صدام من قبله فجعلته يدمن الحروب بلا وعي أو ارادة منه الى ان اوصلته الى اتخاذ خطوة احتلال الكويت. ويا لها من خطوة جرتة الى حفرة كما جرت القذافي الى انبوب المجاري. وقطعا ستجر آخرين الى حيث لا يعلم الا الله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram