TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: بايدن أم الدستور ؟

كتابة على الحيطان: بايدن أم الدستور ؟

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 08:57 م

 عامر القيسييعتقد الكثير من السياسيين والبرلمانيين العراقيين ان الاقاليم والفدرالية مؤامرة امريكية صهيونية هدفها تفتيت البلاد ، وآخر هذه الاصوات على لسان النائب عن دولة القانون محمد الصيهود الذي قال " ان الفيدرالية مؤامرة صاغها نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن بهدف تقسيم العراق الى ثلاث مناطق "
هذا كلام لنائب ينتمي الى كتلة تقود البلاد ويتصل رئيس الكتلة بالاميركان صباح مساء ! وكأني بالسيد النائب لا يعرف ان الدستور كتب بأياد عراقية وان من صوت عليه أكثر من 12 مليون عراقي وان ولادة الدستور كانت قيصرية نزف الشعب دما غاليا  بسببها حتى صار لدينا دستور نتحدث به ، وكأني به لا يعرف ان الفيدرالية من نصوص الدستور الاصلية ، وكأني بالصيهود  لم يقرأ الدستور اصلا الذي نص في ديباجته الرئيسية من ان العراق بلد نظامه السياسي برلماني ديمقراطي تعددي فيدرالي !فجأة نصحو بعد ست سنوات لنكتشف ان دستورنا كان باملاءات اميركية وان الملايين التي صوتت عليه هي من اولاد عمومة جورج بايدن !!السيد النائب يعود ليقول في نفس التصريح ان " الفيدرالية حق دستوري ولكن له شروطه وظروفه التي يجب توفرها " ماهو الصحيح والحقيقي مؤامرة بايدن أم دستورية الفيدرالية ؟التناقض في الاقوال والمواقف ظاهرة سياسية ربما يحصل بسببها الكثير من قادة البلاد على براءة اختراع ، ليس لانهم يغيرون مواقفهم ويتنقلون من الرأي الى نقيضه فقط ، لكنهم يناقضون آراءهم في التصريح الواحد الذي لا يتعدى عدة جمل ! واذا اعتبرنا هذه الظاهرة من نتاج العملية السياسية في البلاد واقررنا انها جزء من تكوين الشخصية السياسية العراقية الحديثة   علينا ان نقر ايضا ان لهذه الظاهرة مخاطرها الجسيمة لانها تشوش الرأي العام وتخلط الحابل بالنابل في عقلية الجمهور وتترك الكثير من الأسئلة دون اجابات واضحة .انا لا اقصد السيد الصيهود تحديدا ، لكننا كجمهور متلق للخطاب السياسي من هذا النمط تصيبنا الدهشة، لاننا لا نستطيع ان نفسر هذه الظاهرة الا بشقين ، الاول هو ان موجه الخطاب لا يعرف عن اي شيء يتحدث والثاني انه لا يعرف كيف يتحدث ويوجه خطابا متوازنا عقلانيا ومقنعا لنا . وكلا الشقين يضعاننا امام نوع من السياسيين يفتقرون الى الثقافة الكافية والمهارة السياسية في توجيه خطابهم لكسب الجمهور الى وجهات نظرهم ، سواء كانت صحيحة أو خاطِئة . بمعنى ، حسب المثال الذي امامنا ، أما ان اكون ضد الفدرالية كفكرة ونص دستوري واتجاه سياسي وادافع عن هذه القناعة بادوات اقناع منطقية أو اكون مع الفدرالية  ومع النص الدستوري ومع الاتجاه السياسي الذي يحكمها وامتلك ايضا ادوات اقناع منطقية للجمهور الموجه اليه الخطاب .في كثير من الاحيان وانا استمع وانصت وأتأمل تصريحات الكثير من السياسيين لا اكتشف انني لم افهم الفكرة وانما التقط مجموعة افكار متضاربة والأدلة لا تحصى ولا تعد .أحد القادة الاميركان التقى سياسيا عراقيا بارزا كان المترجم يترجم للأميركي ما يتحدث به السياسي العراقي ، سأل الاميركي المترجم هل انا لا افهم ما يقوله هذا الرجل ، فاجابه المترجم حائرا محتارا ، كلا سيدي انه يقول اشياء غير مفهومة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram