TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث : سوريا.. نذر حرب أهلية

في الحدث : سوريا.. نذر حرب أهلية

نشر في: 18 نوفمبر, 2011: 08:59 م

 حازم مبيضين إنعطافة مهمة تشهدها الأزمة السورية, مع الهجوم الذي شنه منشقون عن الجيش على مركز أمني قرب دمشق, وتبعه هجوم ضد مقر شبيبة الثورة في معرة النعمان, وهي انعطافة تأتي نتيجة غياب عمل عربي فاعل, أو تحرك دولي يمنع الانزلاق إلى أتون الحرب الأهلية, التي باتت قاب قوسين أو أدنى, ولن يكون مجدياً القرار المنتظر من الجمعية العامة للأمم المتحدة, والذي يدين انتهاكات حقوق الإنسان,
جراء أحداث العنف المتواصلة, وهو مدعوم من دول أوروبية وعربية, ويطالب بإنهاء العنف واحترام حقوق الإنسان, وتنفيذ الحكومة السورية لخطة العمل التي اقترحتها الجامعة العربية, ومؤكد أن ما أعلنه وزير الخارجية الروسي, من أن العنف في سوريا يمكن أن يتحول إلى حرب أهلية شاملة, ليس بعيداً عن الصواب. يرى بعض المحللين أن لا حرب أهلية في المدى المنظور، لأن السوريين لا يزالون يأملون بتحقيق أهدافهم بالوسائل السلمية, ويؤكدون أن النظام الذي يجد نفسه مطوقاً من كل الجهات، يحاول أن يلعب ورقة الطائفية, غير أنهم يضيفون أن الحرب الأهلية المحتملة قد لا تكون طائفية، بل ستأخذ شكل ثورة عامة مسلحة ضد نظام متمسك بالبقاء, في حين يؤكد المناوئون للنظام أنهم لا يطالبون بسقوط العلويين، إنما بسقوط بشار مع اصدقائه سواء كانوا من العلويين أوالمسيحيين أوالسنة أوالدروز, وجدير بالقراءة مقال برهان غليون وقال فيه إن السوريين على مفترق طرق، أحدها يؤدي إلى الحرية والكرامة, وآخر إلى الهاوية والانجراف نحو حرب أهلية, في إشارة إلى حصول عمليات خطف واغتيال وتصفية حسابات بين ابناء الشعب الواحد, تتركز خصوصاً في محافظة حمص.لنقرأ الملف السوري الراهن, لابد من التوقف عند مواقف الدول الإقليمية والدولية, فروسيا التي تعول عليها دمشق ومعها الصين ترفضان كل إجراء عقابي ضد نظام الأسد، لكن الجارة تركيا تتحرك حثيثاً نحو التدخل العسكري, ولو تحت مسمى المناطق الآمنة, مدفوعة بالخشية من الفوضى التي ستعم المنطقة جراء تحلل الوضع السوري بأكمله, وعينها مفتوحة على مجريات الأمور في العراق, حيث المستقبل المجهول بعد انسحاب القوات الأميركية, وهي تتحسب أيضاً من سعي سوري محتمل لإثارة القلاقل وسط الكرد في جنوب شرق تركيا, وتركيا تقدم نموذجاً تحسب أن على السوريين الاقتداء به, من حيث قيادة الأغلبية السنية للبلاد, في نظام يتعايش فيه الإسلاميون والعلمانيون, وغيرهم من تيارات وطوائف بكل المحبة والسلام.مستقبل سوريا اليوم محكوم بعدة سيناريوهات, منها الاستجابة والتغيير الديمقراطي، أو الرفض واستمرار المناورة تكتيكياً من قبل النظام، أو قدرة المعارضة على الحسم بالاستفادة من الضغوط، أو الدخول في أتون حرب أهلية, أو خيار التدخل العسكري, وهو مستبعد في الوقت الراهن, باعتبار أن المبادرة العربية شكلت خطوة استباقية, لتفادي سيناريو تدويل الأزمة, وانعطافها إلى مسار التدخل العسكري, الذي يعتبر الأخطر على سوريا, وسينطوي على بعد تقسيم طائفي ديني وإثني خطير في مجتمعها، وبالتالي ستشكل سوريا قاطرة سلبية لتمزيق المشرق العربي المتنوع, بدلاً من أن تكون دولة ديمقراطية تشكل عاملاً في التصدي للطائفية. في مواجهة التحزب الطائفي يبدو أن بعض أطراف المعارضة تريد ان تلعب دوراً موحداً، لا سيما في المستقبل, وهم يرفضون الاقتداء بالتجربة العراقية, ويرغبون بتحالف يضم كل الأقليات حتى في المرحة الإنتقالية, لكن من المهم فهم أن المعارضة بكافة أطيافها, تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية, من خلال دورها السلبي آنياً وعجزها عن إنتاج الرؤية السياسية,  وطرح البرامج التفصيلية التي تستحق النضال لتحقيقها, وتدفع الجميع للعمل على تحقيقها من خلال التغيير الديمقراطي, وليس الدفع إلى حرب أهلية بتبني شعارات غوغائية تستقطب المتعصبين من كل أطياف المجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram