حازم مبيضينأخيراً لقي سيف الإسلام القذافي مصيره المحتوم، بعد أن بقي مختفياً عن الأنظار منذ مقتل والده, يحاول البحث عن طريق آمن الى النيجر، ليلتحق بشقيقه الساعدي, ورصد أموالاً طائلة لمن يساعده على الفرار, غير أن فطنته خانته, وأحكم الثوار مراقبتهم المنطقة التي كان يتواجد فيها, إلى أن اعتقلوه متخفياً بزي غريب, كان مذعوراً على عكس ما اعتدناه في المشاهد التلفزيونية وهو يصرف ( الطزات ) للعرب والأطلسي وللثوار, ويتبجح بأنه سيقاتل حتى الموت دفاعاً عن ثورة أبيه,
وعلى عكس ما عومل به ملك ملوك إفريقيا, فإن وريثه المحتمل سيحظى بمحاكمة عادلة, وسيتمتع بالحقوق التي يرعاها القانون, وهي التي حرم والده منها شعبه طيلة أربعة عقود. تؤشر المعاملة التي لقيها الفتى, إلى بداية مبشرة لمرحلة بناء دولة الحرية والقانون والشفافية, حيث من المقرر أن يتصل النظام القضائي الليبي بالمحكمة الجنائية الدولية, للنظر في المكان الذي سيحاكم فيه سيف الإسلام، ويؤكد هذا أن ثوار ليبيا لم يكونوا يوماً جرذاناً ولا كلاباً ضالةً, ولا مجرد عصابات مسلحة، وهم أناس متعطشون للحرية, انتهت عندهم فورة الدم, وقرروا معاملة أسيرهم باحترام, وإلى حد عدم السماح لوسائل الإعلام الاتصال به, لأن ذلك يتعارض مع القوانين الدولية بشأن الأسرى.سيف الإسلام الذي قضى السنوات العشر الأخيرة وهو يلمع نفسه. ببدلاته الإيطالية الفاخرة, ويتفاوض مع الغرب لغلق الملفات الشائكة, التي كان العقيد ماهراً في فتحها, كان مقدراً له أن يلعب دوراً في ليبيا حتى بعد اندلاع الثورة, فهو عرف كيف يتأقلم بذكاء مع التغييرات التي طرأت على العالم بعد غزو العراق, وكان يقدم للعالم صورةً مغايرة عن جماهيرية والده الكاريكاتيرية, ويبدي استعداداً كاملاً للانفتاح على الغرب, يتحدث بطلاقة عن حاجة بلاده إلى الديمقراطية، ويفاوض على هدم الترسانة العسكرية غير التقليدية, مقابل إنهاء عزلة والده, وبنى في تلك المرحلة بأموال الشعب الليبي مجموعة من الأصدقاء, بين رجال السياسة والمال الغربيين, حتى أنه مارس الرسم لتقدم لوحاته في أرقى صالات العرض اللندنية.غير أن عنجهية القائد وتمسكه المرضي المهووس بالسلطة, دفعت سيف الاسلام إلى مواقف متشنجة, وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الولد سر أبيه, فوصل الى النتيجة المنطقية وهي الوقوف بين يدي العدالة, بغض النظر عن إن كانت ليبية أو دولية, ولما كانت المحكمة الجنائية الدولية التي تسعى لاستلامه لا تطبق عقوبة الإعدام, فإن السلطات الليبية ستحاكمه بحسب قوانينها بتهم خطيرة, منها أنه حرض آخرين على القتل, وأساء استخدام المال العام, وشارك في تجنيد وجلب مرتزقة, وهي جميعها تهم ثابتة تؤدي إلى الإعدام, وبما يعني ضمناً أن الجنائية الدولية وهي تسعى لمحاكمته بجرائم ضد الإنسانية تتعلق بأنه أمر بقتل متظاهرين بعد اندلاع الثورة, لن تتمكن من الوصول إليه, بعد استعداد قضاء بلاده لمحاكمته, وتبنيه ما يكفي من الإجراءات القانونية والقضائية, لضمان محاكمة عادلة, تدعو إليها المنظمات الدولية والمحلية.هي نهاية ثانية لحكم العقيد, كانت الأولى حين قضي على الأب في لحظة انفعال ثورية على يد أحد الثوار, وتأتي الثانية بالقبض على الوريث لتقضي على أي هواجس بنتائج مغايرة لما يريده الشعب الليبي من حرية وكرامة وديمقراطية, واليوم فإن السيف في يد العدالة, لتقول كلمتها المستحقة, وليلقى نتيجة كل ما جنت يداه.
في الحدث: السيف فـي قبضة العدالة
نشر في: 20 نوفمبر, 2011: 07:45 م