TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الاخيرة :لو تبلغ أسماعهم الصرخة!

السطور الاخيرة :لو تبلغ أسماعهم الصرخة!

نشر في: 20 نوفمبر, 2011: 09:25 م

 سلام خياط على حين غرة ، تعطل جهاز الكومبيوتر في بيت العائلة الكبير ،، الجهاز الذي انتحل أسماء شتى ، واضطلع بمهام شتى ، أصابه شلل وصار جثة هامدة ! هذا الساعي البريد الأمين الذي يستلم الرسائل ويسلمها دون  تلكؤ أو تأخير ، هذا الحاكي – الكرامفون – الذي يشنف إسماع الجدة بأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب ، هذا الراديو يستمع عبره الجد لتلاوات من القرآن ، وتتسمع الجارة التراتيل الكنسية من أبعد الكاتدرائيات في العالم ، هذا دار العرض الذي تشاهد طالبة الفنون خلاله آخر التصاميم ،
 هذا – شاشة السينما – الذي يشاهد على أديمه اليافع آخر الأفلام ،هذا المدرسة – المدارس – لكافة أنواع الدراسات الأكاديمية ،هذا المعلم النبيه لتعليم حروف الأبجدية واللوغاريتمات، هذا المخلوق الذي يمتد به الأب والأبناء والأحفاد للمهمات، تعطل وما من أحد من أفراد العائلة الكبيرة التي يتجاوز عدد أفرادها العشرين نسمة ، له إلمام بسر العطل.المصلحون قلة ، والقاسم المشترك بينهم أن الغالبية منهم لا يحسن الدخول لمتاهات العطل ، والنصيحة جاهزة دائما : الجهاز انتهى عمره ، ولا بد من شراء آخر جديد، بمواصفات حديثة وخوارق تقنية .أية فضيحة بجلاجل ، أن يعجز أفراد عائلة كبيرة بينهم موظفو دولة وطلاب جامعة، عن إصلاح جهاز يستخدمونه على مدار ساعات اليوم دون أن يحيطوا ولو إحاطة بسيطة بفاعلية وكنه الجزيئات الدقيقة التي قد لا يتجاوز سمك إحداها سمك خيط بريسم ؟قرع جرس الإنذار هذا – ولو بصوت خافت _ يفتح بصائرنا على حجم الفجيعة التي تسربلنا ، الفجيعة التي أغرقت العراقيين بالجهل لسنوات سابقات ، ثم ازدانت بثمانية عجاف ، فمنذ سنوات الحصار الأولى، ومستويات التعليم في تدن مستمر ، حتى إن الكليات العلمية في الجامعات العالمية المرموقة فرضت حظرا على قبول الطلبة العراقيين في فروع المعرفة العلمية ، وإن قبلتهم – على مضض- اقتصرت قبولهم على الآداب والتاريخ والفنون ( المعلومة موثقة وأكيدة).العراقي ، صار يعرف كم يساوي النصف مليون دولار مقابل العملات ، ويعرف كم صفرا أمام رقم البليون ، ولكن الغالبية منهم لا تحسن وضع جزيء أفلت من مكمنه ، او إعادة نقرة على زر  تعيد للجهاز العافية.فيا سادتي وسيداتي ، يا أولي الأمر ، يا دعاة الإصلاح ، يا الداعين للتقوى ومخافة الله وحساب يوم القيامة ، يا أساتذة في كل شيء ،، ليس من عتب على الغرباء إن أداروا ظهورهم للعراق وتركوه قاعا صفصفا ، أرضا وبشرا وكفاءات ، يشكو شحة في الأطباء والمهندسين والخبراء على كل صعيد ، ليس من عجب لو استهان الغرباء بكل ما هو عراقي وتركوا مصائرهم للصدف ونظرية الاحتمالات وعمدوا للتجهيل والتهميش والإقصاء ، لتفتيته مزقا وعرضه على المشترين – شلوا شلوا –بأبخس الأسعار، ولكن ما عذر من جاء بوعد وقسم عظيم لترميم ما تهدم وتجبير من انكسر ؟ ما عذرهم بعد سنوات عجاف، ستأكلهن ثماني عجاف أخر وما من بارقة أمل بإصلاح خلل بسيط تعطل فجأة في بيت العائلة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram