وديع غزوان افتتح الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة جابر الجابري مكتب شؤون المواطنين الذي يفترض ان يوطد الصلة والعلاقة بينها وبين المواطنين خاصة شريحة المثقفين من ادباء وصحفيين وفنانين ويستقبل مقترحاتهم وشكاواهم . ونعتقد ان اكثر الوزارات لها مكاتب على نفس الشاكلة وتحمل نفس التسمية، وهو إجراء ليس بالجديد على العراق ولا على غير ه من الدول الاخرى ، غير ان المشكلة ان بعض الدول خاصة ،
التي يسمونها تلطفاً بالنامية ومن ضمنها العراق، جعلت من هذه المكاتب مجرد ديكور ورقم مضاف الى عدد مكاتبها، لان أغلب مسؤوليها أصلا ينقصهم الإيمان الحقيقي بالمواطن وحقه في الاعتراض والشكوى، لذا فان اغلب مقترحاتهم وشكاواهم لا يسمعها المسؤول الذي اعتاد ان يكلف موظفاً تنقصه الكثير من المواصفات للقيام بمثل هذه المهمة الصعبة التي تتعلق ببناء جسور ثقة بين الوزارة او المؤسسة وبين المواطنين عامة . طبعاً ليس بالضرورة ان ينطبق حديثنا على المكتب الجديد للوزارة ، بل نتمنى ان يكون نموذجاً واقعياً عن التفهم الواعي والدقيق ، من وزارة تتعامل مع شريحة واسعة ومهمة من المجتمع لمهام وأعمال مكتب كهذا ، غير اننا وجدنا مناسبة افتتاحه فرصة لمعاودة الحديث عن موضوع قديم جديد يتعلق بعلاقة المسؤول والمواطن التي يستحق اغلب مسؤولينا ان لم نقل كلهم وبجدارة منحهم السبق والامتياز في قطعها ، من خلال تعمد وضع الحواجز النفسية قبل الكونكريتية التي حجبت عنهم أنين المظلوم وصوت الحقيقة كما اشرنا في اكثر من مرة ، حتى نتخيل ان بعضهم قد وضع الحواجز والموانع في غرفة نومه . الغريب ان اكثرهم كان يتحدث بداية 2003 عن كبار المسؤولين في الدول الأوربية التي عاشوا فيها وكيف يمارسون في ايام العطل حياتهم وسط الناس دون حمايات تمنع عنهم حالة التواصل بل ان بعضهم لا يتحرج من سماع كلمات نقد لاذعة أمام عائلته دون ان يأمر حراسه باحتجاز قائلها ، غير أنهم سرعان ما نسوا كل ذلك بل ابقوا عوائلهم في بلاد الغربة وعاشوا هم أيام العمل في المنطقة الخضراء أما في العطل والإجازات فمن الطبيعي ان يقضيها مع العائلة في الخارج . وبالتأكيد ان حالة قطيعة من هذا النوع تشجع المفسدين وتمنع اية افكار للاصلاح او التغيير من ان ترى النور ، وما يؤسف له اكثر ان البعض من المسؤولين ، ربما من دون قصد يكلف موظفي مكتبه احياناً بانتقاء مجاميع معينة للقاء معهم وطبعاً سيختارون من يعتقدون فيه الهدوء وعدم إزعاج المسؤول بآراء قد لا تتوافق وتوجهاته . وبصراحة فان قناعتنا بان العديد من وزرائنا وسياسيينا قد فارقوا مواطنيهم منذ زمن وهم بأمس الحاجة إلى من يذكرهم بما تفرضه المسؤولية من مهام في اولها عدم التعالي على الجماهير التي وجدوا من اجل خدمتها . ليس المهم ان نشكل مكاتب لشكاوى المواطنين او نضع لافتات عن مواعيد المقابلات، بل مطلوب ان نعيد النظر في سلوكياتنا ونجدد إيماننا بالمواطنين الذي تلاشى وسط أضواء واغراءات السلطة وشياطينها .
كردستانيات :مكاتب لشؤون المواطنين ولكن!
نشر في: 20 نوفمبر, 2011: 09:47 م