اسم الكتاب: رسالة نبيلة اسم المؤلف: مارتن غايفورد ترجمة: عبد الخالق علي هذا الكتاب هو احتفاء بلوحات الأشجار الكبيرة وبعض المناظر الطبيعية في تاريخ الفن، بل انه يدور عما هو أكثر من ذلك، لكن الأشجار موجودة في قلبه الانكليزي النابض. إن اكتشاف هوكني لهذه الأشجار هو دعوة لنا جميعا لكي ننظر ونرى بشكل أفضل ونستمتع أكثر.
هذا المجلد الزاخر بالرسوم الجميلة يأخذ شكل حوار مع صديق هونكي المؤرخ الفني مارتنغايفورد الذي يحفز هونكي للحديث عن انتقاله من كاليفورنيا الى بريدلنغتون، وعن استعداده لمعرضه الذي سيقيمه في أروقة الأكاديمية الملكية، وعن رأيه بالفرق بين الرسم والتصوير، وعن حبه الشديد للتقنيات الرقمية الحديثة.هوكني يحب الأشجار والأدوات الناعمة، ويحب أن يرسم. كل هذه الحماسة تجعله يبدع - وهو في السبعينات من عمره- أعمالا ضخمة عن ملحمة الألوان التي تحير العقل وعن المجد، بالإضافة إلى بعض اللوحات الصغيرة المرسومة على موقعه في الآيباد. هذه الرسوم المنزلية- منظر من شباك غرفة نومه، وستائر غرفته، ومزهرية، ونبات الصبير، ومنفضة سيكائر – تظهر بقدرة قادر كل صباح في صناديق بريد أصدقائه. لقد أنعم الله على هذا الرجل بالمواهب بالإضافة الى صفة الكرم. يقول إن الله قد أنعم عليه بالعمر المديد "لم أكن أتوقع ان أرسم بكل هذا الطموح وأنا بهذه السن أشعر بأني أمتلك طاقة أكبر مما كنت أمتلك قبل عقد من الزمن عندما كان عمري ستين عاماً. أعماله تبعث فيه وفينا جميعا شبابا ونشاطا جديدا. الأشجار هي من النباتات المعمرة، وتصبح صديقا قديما لنا تعيش لفترة أطول مما نعيش نحن. يزعم هوكني "بأنها أوضح دلالة على قوى الطبيعة التي نراها، وهي تشبه البشر إذ ليس هناك شبه بين شجرة وأخرى، بعضها عملاق والبعض الآخر أنيق وهناك الشجرة العازبة... ولكنها أيضا نتاج بارع لهندسة الطبيعة، قادرة على حمل طن من الأوراق في موسم الصيف تقاوم قوى الجاذبية والرياح". هذه الملاحظة تجر هوكني إلى الحديث عن اهتزازها في الفضاء ومسكها للضوء – شجرة الشتاء تساعدك على تحسس الجو، وشجرة السيف المورقة هي وعاء للضوء – والى الحديث عن موضوع تغير المواسم وعن الضوء المتغير في كل يوم. لقد تعلم هوكني أن يراقب المواسم بدقة منذ عودته إلى موطنه الأم يوركشاير. إنه يعرف متى يراقب الزعرور البري وهو يتفتح، حيث يستيقظ مبكراً مع فريقه الذي يحمل تسع كاميرات لتصوير تغير ألوان الأوراق في الخريف وكيف تتطرز الأشجار العارية بالثلج. انه يصور ويرسم نفس الأشجار المألوفة ويبين كيف يتغير موقع الشمس خلال السنة – وهي ظاهرة طبيعية لم يلحظها أبدا في كاليفورنيا. يعلق غايفورد وهو يجلس في حدائق ساسيكس مع هوكني في يوم رائع من أيام الصيف بأن المنظر الذي أمامهما "مسرح طبيعي ضخم تنيره الشمس والجور بأشكال متنوعة غير متناهية". يوافق هوكني على ذلك لكنه سرعان ما يتذكر صف الأشجار المتواضع في صباح احد الأيام الضبابية "لديك سلسلة رائعة من اللون الأخضر، لو كان يوما مشمسا لكانت أكثر امتدادا... مثل هكذا صباح نادرا ما نراه". يقول غايفورد إن هوكني قد عاد إلى جذوره، ويبقى مولعا جدا بأعمال من سبقوه ولديه آراء جاذبية عنهم. كان رد فعله تجاه احد رواد المناظر الطبيعية وعباقرتها، كاود لورين، غريبا بشكل رائع: انه يحترم أشجار كلود ونعومة أوراقها، لكنه في نفس الوقت عازم على إضافة أساليب ثورية لإعادة رسم واحدة من اكبر لوحات كلود غير المعروفة جدا. هذا الخليط الغريب من المناظر الطبيعية القديمة وأدوات الرسم الجديدة ينعش الروح. يجرب هوكني كل شيء. انه يتحدث بإعجاب كبير عن الرؤية الإنسانية فان كوخ ورسوماته الجميلة وعن سرعة وطاقة ضربات فرشاته واستمتاعه بصفاء الجنوب وضوئه، وعن قدرته على تحويل الموضوع الكئيب إلى مبهج، وعن حبه لكل ما لا يحمل صفة. يقول عنه "فان كوخ كان يمكنه أن يرسم أي شيء فيجعله يأخذ بمجامع القلوب". يستمر هوكني بالرسم في بيته القديم المريح على شاطئ البحر. انه يرسم غسل الصحون على المغطس، ويرسم قدميه الحافيتين والنعال بجانبهما كما تراها عيناه. في ذلك البيت تنمو الأشجار الكبيرة وتنمو معها الرسالة النبيلة.
محاورات مع ديفيد هوكني
نشر في: 21 نوفمبر, 2011: 07:01 م