TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: متحف لجرائم صدام

عين: متحف لجرائم صدام

نشر في: 21 نوفمبر, 2011: 09:37 م

 عبد الخالق كيطانبعد تجربة المفكر كنعان مكية في استحداث متحف خاص بمرحلة النظام السابق لم نسمع عن دعوات من هذا القبيل. ووجود متحف عراقي يضم ما خص المرحلة السابقة ليس بطراً ولا تجاوزاً على حقوق ضحايا تلك الحقبة البائدة بل هو ضرورة تاريخية، وعظة للأجيال القادمة، ومسألة مهمة على طريق حفظ الإرث الوطني بسلبياته وإيجابياته.
بالأمس قرأت خبراً مفاده أن خبراء من متحف اللوفر الباريسي أكدوا: "أنه ليس هناك حاجة لإزالة آثار رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين من مدينة بابل لإعادتها إلى لائحة اليونسكو، مبينين أن عودة المدينة إلى لائحة التراث العالمي لا تحتاج إلى أعمال هدم أو ترميم كبيرة، فيما أشارت محافظة بابل إلى أنها مصرّة على إزالة تلك الآثار".ومثل المسؤولين في محافظة بابل هنالك عراقيون كثيرون يريدون إزالة ايّ أثر من حقبة صدام من على الوجود، بل أن مجاميع شعبية، وأخرى مدعومة من جهات سياسية، باشرت في السنوات السابقة بإزالة مثل تلك الآثار من بغداد وغيرها من المدن العراقية. مواطنون آخرون حاولوا الدفاع عن بعض تلك الآثار، بل وحموها، خاصة تلك الآثار التي لا تخص صدام بذاته، بل ملامح عراقية حسبها القوم على تلك المرحلة (نصب لنساء، أو قادة، أو تاريخ... الخ). وللتوضيح نكرر القول: بأن الدعوة لتدشين متحف خاص بالحقبة السابقة لا يمثل بأي حال من الأحوال التجاوز على حقوق الضحايا. وبدلاً من ترك العديد من آثار تلك الحقبة موزعة هنا وهناك، ما يشكل استفزازاً للضحايا كما يقولون، فما المانع من حصرها في متحف واحد وكبير؟ بل إن الواجب الوطني يحتم، كما أعتقد، إنشاء متحف عراقي حديث وجديد يضم تاريخ العراق المعاصر بكل رموزه، وبكل آثامه وحسناته. مثل هذا المتحف سيكون سابقة، لا في التسامح المنشود وحسب، بل وفي إرسال رسالة متحضرة بأننا شعب لا نخجل من تاريخنا. وما هي المشكلة في تدشين مثل هذا المتحف؟ أمامنا دول عديدة عاشت لحظات تاريخية مشابهة للحظتنا العراقية: ديكتاتورية، احتلال، احتراب أهلي... الخ، ومع ذلك، فإن تلك الدول تعالت على جراحها، وقام المفكرون فيها بافتتاح متاحف توثق للحظاتها التاريخية ما جعل من تلك المتاحف قبلة الزائرين والسياح على مدار العام. ومن الممكن أن يضمّ متحف من هذا النوع أجنحة خاصة لرفات القادة العراقيين، وكذلك كل ما يمت بصلة لفترة حكمهم. الناس تريد أشياء عن نوري السعيد والملك فيصل وعبد الإله.. أشياء عن عبد الكريم قاسم ومحمد الصدر وأحمد حسن البكر وفهد وصدام حسين... ومن الممكن طبعاً في متحف كبير من هذا النوع أن يضم أجنحة خاصة بكبار المبدعين العراقيين أمثال: جواد سليم، حقي الشبلي، صالح الكويتي، بدر شاكر السياب، غائب طعمة فرمان.... ألخ. بإمكان العراق الاتفاق مع شركة عالمية متخصصة في هذا المجال، ودعوة المواطنين لبيع مقتنياتهم عن أبرز مراحل تاريخ العراق الحديث، وكذلك شخصياته السياسية والعسكرية والفنية والثقافية، لهذا المتحف. وبذلك نكون قد قدمنا خدمة جليلة لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. ولكنني أخشى بصدق أن تصطدم دعوة مثل هذه بجدران الأمية والطائفية التي تغلف حياتنا!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram