اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ليلة الكلريات

ليلة الكلريات

نشر في: 28 نوفمبر, 2011: 06:01 م

علي النجارمالموفي صيف عام(1999) وصلت السويد بعد حصولي على اللجوء، كأي عراقي ضاقت به السبل. لم تكن قدماي قد خطتا على أرض هذا البلد الشمالي قبل هذا التاريخ. لم أملك من متاع الله أي شيء، غير محاولاتي في الرسم، وبعض محاولات في التدوين. ولم أر بأن هاتين البضاعتين غير رائجتين عموما في هذا البلد، إلا لقلة هم بالأساس من أبنائه.
 لكني قدمت نفسي كفنان. وكان لابد من ذلك لمواصلة مشواري. لم تكن المدينة التي وجدت نفسي وعائلتي مضطرين أن نعيش فيها كبيرة، ولو نسبيا. (أنا الذي تركت بغداد ورائي على سعتها منذ أكثر من عامين). ولم تكن في هذه المدينة قاعات عرض. ما عدا واحدة لا يتعدى شكلها الخارجي شكل أي دكان بسيط. بعد إلحاحي للمساهمة بأية فعالية فنية. ولو لإظهار صدق ادعاءاتي الفنية.ثم  أخبرت للاشتراك في عرض(ليلة الكلريات) يوم السادس والعشرين من سبتمبر/ ايلول. إذاً أنا على موعد مع أول مساهمة فنية لي في هذا البلد. ولم أكن أفقه ما المقصود بعرض(ليلة الكلريات).في الساعة السادسة مساء من يوم العرض ثمة شموع منيرة عند  أكثر من باب. لقد تحولت بعض الأمكنة القليلة، التي لم تكن قاعات عرض أصلا، إلى قاعات عرض فنية صغيرة. وثمة مكان أوسع هو ملك للبلدية ضم العديد من الرسوم وبضمنها رسومي الزيتية وعمل كرافيكي، وكانت بهجة رواد هذه العروض تعوض جهدنا. وانتهت الليلة بسلام، لنتسلم أعمالنا في اليوم الثاني. وليرجع كل شيء إلى مكانه. كانت العروض رسوما وتماثيل معظمها لهواة، وقلة لفناني المدينة المتمرسين، ثم استوعبت الدرس لاحقا، بان بلد كالسويد بنظام حكم اشتراكي اجتماعي، لا توجد فروقات كبيرة في أعراف الناس، في ما بين الفنان الهاوي والمحترف. بالتأكيد هذا الأمر يختلف عند إدارات المؤسسات الفنية المهمة.    لم استوعب الأهمية الاحتفالية لهذه المناسبة الثقافية الفنية، إلا بعد أن انتقلت مبكرا إلى مدينة(مالمو) السويدية الجنوبية. يقطن هذه المدينة حوالي أربعمائة ألف إنسان. وهي ثالث مدينة في السويد بالنسبة لعدد سكانها، بعد العاصمة ستوكهولم، ومدينة يوتوبوري(التي تلفظ ببقية اللغات(كونتبرك). لكنها- مالمو- وكأي مدينة أوروبية مسّتها الحداثة، تبدو أكبر من حجمها، هذا مجرد انطباع لأحد قاطنيها، ومن خلال مشاهدته نموها المستمر، ومنذ عشر سنوات. المهم أن ليلة الكلريات في هذه المدينة تختلف عن سابقتها بما لا يقاس. فللمدينة متاحفها الفنية، الأثرية منها والحديثة، وقاعة عروضها المهمة الرئيسية، والعديد من كلريات العرض الخاصة، وجمعيات وورش الفن، وحتى ورش وقاعات التصميم  المختلفة. كل هذه الأمكنة تضيء شموعها وتفتح أبوابها للرواد المحتفين منذ المساء حتى ساعة معلومة من ليلة السادس والعشرين من سبتمبر، من كل عام؛ ممرات مضيئة بعوالم وأجواء الفن والتشكيل، ومهرجان للنور والصورة وبهجة العوالم الإدراكية الجمالية، ومكتشفات الخبرات الرقمية والتصميمية.     إذاً لنبدأ جولتنا من متحف الفن الحديث. لقد أعيد تأهيل بناية قديمة للكهرباء تعود لعام(1901) لتناسب المتحف. وتحولت البناية بطرازها الاسكندينافي التقليدي إلى بناية يكشف مظهرها الخارجي عن تأثيرات السطح المعماري المابعد حداثي بغلافها المعدني الأحمر الشمالي المخرم. وبما أن المتحف تأسس حديثا وفتح أبوابه للزوار قبل ثلاثة أعوام. إلا أنه استطاع أن يحتوي على مجموعة لا بأس بها من أعمال الحداثة(بيكاسو، ماتيس، التعبيرين الالمان، مونخ، وبعض من أعمال الانطباعيين، والبوب ارت الأميركي وأعمال أخرى)، وان ينظم معارض لفنانين حداثويين وما بعدهم، بشكل دوري). وبهذه المناسبة فتح ورشه الخلفية أيضا للزوار، وما خرجنا به(أنا ومن رافقني) هو ان السلطة الثقافية لمدينة مالمو بذلت كثيرا من اجل إنشاء هذا المتحف وبوقت قياسي. ولم تنس أن تقدم إدارة المتحف عرضا خاصا وكما هي العادة في استضافة مشاريع أو عروض فنية فردية. والمعرض الخاص الحالي هو للأعمال المفاهيمية الفوتوغرافية للفنان الأيسلندي المابعد حداثي(سيكوردر جودمونسون) المعنونة(حالات)، وصوره المعروضة تبرز الأثر الواضح لتأثيرات أعمال الـ(فلوكسوس) البصرية، حيث التوازن في التركيب، وغرابة وشاعرية البحث، واختلاط المواد المصورة والأداء الشخصي. والتي غالبا ما تخلو من الطرافة، والتلاعب بالدلالات. مع ذلك فإننا نستكشف من خلالها حالات إنسانية في طريقها للتشكل بمفاهيم أو صيغ جديدة تتوفر على الغرابة مثلما المألوف. هذه الأعمال هي حصيلة جهد هذا الفنان لما بين عام 1970 وحتى 1980.     حينما خرجنا، وبعد هذه الوجبة الفنية الدسمة. لمحنا ضوء شاشة عرض ليس ببعيد عن باب المتحف. هي في وسط الطرف الجنوبي من الساحة الأمامية للمتحف. وبما أن إنارة الساحة خافتة بعض الشيء، كونها تقع في حي سكني(1)، فإننا ونحن نتقدم لمشاهدة عرض الشاشة فاجأتنا كومة ملابس منضدة وبألوان زاهية،بعد ذلك انتبهنا فوجدناها أنها نفسها ترتديها نساء عدة في عرض أدائي إيقاعي دائري. لقد شكلت الفنانة(اسا ماريا بنغستون(2) مشروعها المختلط الوسائط(والفيديو والتجميع) تعبيراً عن فلسفتها للاندماج. بنغستون تستعرض فلسفتها ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram