إياد مهدي عباس مازالت مجتمعاتنا تعاني غياب المنظومة القانونية والقيمية التي تحمي المرأة من العنف الذي يمارس ضدها والذي أخذ أشكالا عديدة منها العنف الجسدي والنفسي إلا أنه بجميع إشكاله يعد مناقضا لمفاهيم الحضارة والقيم والإنسانية ومخالفا للتعاليم الدينية والأخلاقية التي جاءت بها جميع الشرائع السماوية منذ بداية الخليقة،
بالإضافة الى انه يعد اليوم خرقا للمواثيق الدولية والقرارات الأممية التي يسعى المجتمع الدولي من خلالها الى توفير الحماية للنساء . حيث أعلنت الجمعية العامة يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم يهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك المشكلة (القرار 54/134، المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1999). وقد درج أنصار المرأة على الاحتفال بيوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر بوصفه يوماً ضد العنف منذ عام 1981 ولحد اليوم. ولابد لنا هنا من الإشارة إلى أهم الأسباب التي تدفع المجتمع لممارسة العنف ضد المرأة ومنها الأسباب الثقافية، حيث يسهم الجهل وعدم معرفة دور المرأة في المجتمع وحقوقها من قبل المرأة نفسها ومن قبل المجتمع أيضا ،في عدم احترام هذه الحقوق من قبل المجتمع وعدم المطالبة بها من قبل المرأة، الأمر الذي يؤدي الى حصول الانتهاكات والتجاوزات على هذه الحقوق.ويعتقد البعض أن هناك أسبابا أخرى تسهم في استمرار انتهاكات حقوق المرأة ومنها ضعف المنظومة القانونية وعجزها عن حماية الفئات الضعيفة في المجتمع، إضافة إلى عجز المنظومة الاقتصادية في الدولة عن توفير الدعم المادي للمرأة، والذي يوفر لها الاستقلالية المادية والابتعاد عن شبح الحاجة المذلة للرجل وللمجتمع وبالتالي يعطيها حق الاختيار لتعيش حياتها من دون سيطرة الآخرين .ومن خلال ما تقدم يمكننا أن نعرف العنف بأنه الأخذ بالشدة والقوة، أو هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية او نفسية . وحسب هذا التعريف فإن العنف يشمل السب والشتم والضرب والقتل والاعتداء.... الخ . والذي يأتي من طرف رجل أو مؤسسة أو نظام من أجل إخضاع المرأة والتسلط عليها. وهذا يجعلنا أمام حقيقة مهمة وهي أن البشرية تقدمت نحو التطور العلمي المجرد من القيم الإنسانية التي تعنى بالمحبة والتعايش والتسامح بين البشر لاسيما تلك التي تتعلق بالمرأة التي تمثل جزءاً مهما في المجتمع، فأصبح العنف لغة التخاطب التي يتم استخدامها بين البشر لاسيما مع الفئات الضعيفة في المجتمع، وفي مقدمتها النساء التي تعاني العنف بجميع أنواعه وعلى نطاق واسع شمل جميع المجتمعات والدول حتى المتقدمة منها، حيث تشير الإحصائيات إلى ان ظاهرة العنف لم تستثن أي مجتمع وأي حضارة، حيث نجد أن 95% من ضحايا العنف في فرنسا من النساء وأن 8 نساء من عشر ضحايا العنف في الهند و 30% من النساء الأميركيات يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن و 60% من سكان الضفة الغربية وغزة دون 19 عاماً يتعرضن للتهديد الجسدي واللفظي والمطاردة والتوقيف والاعتقال وأمثلة كثيرة أخرى لا حصر لها . ختاما ونحن نقف أمام ظاهرة العنف ضد المرأة نجد أنها ظاهرة اجتماعية لها أصول تاريخية قديمة تغذت على الجهل والقيم والأعراف الاجتماعية والدينية الخاطئة لذلك نرى بأن من أهم سبل معالجتها هو تثقيف المرأة بصورة خاصة والمجتمع بصورة عامة بحقوق النساء ومحاربة الأفكار البالية التي تحمي وتساعد في استمرار هذا الظلم الذي رافق المرأة منذ عقود طويلة، وعلينا أن نسعى لبناء مجتمعات على أسس حضارية تعتبر الإنسان قيمة إنسانية عليا وتحافظ على كرامته وحقوقه بغض النظر عن الجنس والنوع والعرق .
العنـف ضـد الـمـرأة والمواثيق الدولية
نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 06:38 م