TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل نحن العرب أُمّة؟!

هل نحن العرب أُمّة؟!

نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 06:39 م

|    2- 2    |وليد خالد أحمد ثانياً- الحوار مع الذات: شخصياً، أرى أن أكبر مشكلة واجهت الحياة العربية المعاصرة بعد فشلها في معالجة مشكلات العقل العربي، كانت في الآلية غير الصائبة التي تعاملت بها معظم الإيديولوجيات في المنطقة العربية مع موضوع الهوية، وبشكل خاص موضوع الحوار مع الذات، فلقد فشلت معظم هذه الإيديولوجيات في مواضع عدة أهمها:-
أ- الانفتاح على مجموعة الشعب العربي وبكل عناوينه. فلقد تنافست الإيديولوجيات العربية في توصيف هويات متعددة ومتناقضة ثلمت الهوية العربية في أماكن كثيرة، حيث راح بعضها يتكلم عن حدود قومية لا تتجاوز حدود الشرق الأوسط العربي، وذهبت أخريات لتوسيع الدائرة كثيراً لتشمل جميع الشعوب الإسلامية بتفكير خاطئ يساوي الدين بالقومية ويخرج من الدائرة العربية كل من لا يدين بالإسلام.فيما غرقت الايدولوجيا الماركسية في وهم الصراع الطبقي نافية كل الصراعات الباقية، مقسمة الشعب العربي إلى طبقات لا وجود حقيقياً لها، مانحة إحداها فقط شرعية الوجود ونازعة عن الباقيات حق الحياة. بينما انغمست أيديولوجيات أخرى في أعماق التاريخ العربي بعضها يبحث عن أصل العرق العربي وأخرى تبحث في الأصول الفرعونية لمصر والفينيقية للبنان، وهكذا توزعت الهوية العربية بين روافد متعددة ومتباعدة في معظم الأحيان لا يجمعها رافد واحد يهيئ لها الاستقرار والثبات.ب- التعامل الصحيح مع التاريخ. التعامل الانتقائي مع التاريخ والانغلاق على جزء من الشعب العربي، موضوعان يحيلنا كل منهما إلى الآخر، وبشكل لا يمكن معه إدراج أي منهما سبباً للآخر، فالانغلاق على جزء من الشعب العربي عند بعض الأيديولوجيات العربية سببته القراءة غير الصحيحة للتاريخ، وفي الوقت ذاته دفعت باتجاهه، فنزع العروبة عن التاريخ المصري وإلباسه اللباس الفرعوني قد يكون سببه محاولات بعضهم انتزاع مصر من عروبتها، أو قد تكون عملية الانتزاع هذه نتيجة  لقراءة غير صحيحة للتاريخ.المهم، إن معظم الأيديولوجيات في الوطن العربي قرأت التاريخ العربي بشكل انتقائي، حاولت فيه اختيار اللحظات التاريخية التي تدعم رؤيتها لهوية الجزء الذي تبنته من الشعب العربي، وكان من نتيجة ذلك، أن توزع المواطن العربي بين هويات متعددة تمزقه اختيارات ورغبات ومشاعر وآمال متناقضة لا يستطيع أن يتخلى عن بعضها دون أن يبتر نفسه، ولا ينجح في الجمع بينها لتحقيق صيرورته واستقراره، فهو إرادة منقسمة ورغبة متناقضة تفضيان إلى العجز عن الحركة وتعميق في الصراع الذاتي، وغياب للصورة الأساسية للهوية.جـ- احتضان ورعاية الثقافة. الأيديولوجيات والسلطات العربية اشتركت في هذا الإهمال، حتى السلطات والأيديولوجيات التي اهتمت بالثقافة العربية وتجديد عمليات المثاقفة فيها، ركزت جهودها على تنمية وتكوين الإطارات الثقافية بشكل أكبر من التركيز على تحسين القدرات الكامنة والروح المبدعة لدى مجموع الشعب العربي، ومما لاشك فيه أن التجزئة قد أسهمت كثيراً في الدفع بهذا الاتجاه، حيث تداخلت سلبياً مع كل أشكال التبادل والاتصال القائمة بين أبناء العروبة على امتداد الوطن الكبير. وكانت نتيجة هذا الإهمال تدميراًً فعلياً للهوية الثقافية عند أوسع الكتل الشعبية الموضوعة خارج دائرة الأفكار والمعلومات والمعارف والمحكومة بالانعزال في ثقافة فقيرة لا تمتلك أساليب تجددها، وكان من نتائجها أيضا تطورا متفاوتا للثقافة بين الأقطار العربية المختلفة أسهم في مفاقمة التفاوت الاقتصادي وتبريره بين أبناء هذه الأقطار، وتبرير الاندفاع المتزايد لدى أبناء الأقطار العربية الخليجية في التسليم للحداثة الغربية بلا شروط، توكيداً لهذا التميز الثقافي وتبريراً لتعاظم التفاوت الاقتصادي.هذه هي الموضوعات الرئيسية التي فشلت معظم الأيديولوجيات في المنطقة العربية في التعامل معها تعاملاً صحيحاً، وكان من نتيجتها تفاقم مشكلة علاقة الإنسان العربي بذاته، وفشله في التوصيف الصحيح والفاعل للهوية التي يحتاج إليها في توفير مُناخ عقلاني يجد فيه معنى لأفعاله وتصرفاته وأفكاره، وكان من نتيجتها كذلك، حرمان الهوية العربية من التطور الطبيعي، فكما اشرنا سابقاً، أن الهوية ليست معطى ثابتاً وجامداً ينبجس بتمامه مرة واحدة في تاريخ جماعة معينة ويستمر على ما هوعليه طالما تستمر الجماعة في الوجود، هناك بالطبع عناصر رئيسية تمثل الإطار الرئيسي الذي تتعين بواسطته الهوية وتستقل عن غيرها من الهويات، ولكن ذلك لا يعدو كونه إطاراً تنمو وتتطور ضمنه الجماعة التي تنتمي إلى تلك الهوية، وضمن هذا الإطار تطمح الجماعة إلى مثلها وترسم لنفسها حدود هويتها ومعالم حاضرها ومستقبلها، وتنشئ مؤسساتها. هذا التطور الطبيعي للهوية العربية هو الذي ارتبك بسبب المشكلات الأيديولوجية في الوطن العربي.- كيف نتجاوز هذه المشكلات؟الجواب سهل قولاً ومعقد فعلاً، ويكمن كما أعتقد شخصياً، في تحول الأيديولوجيات القومية في الوطن العربي من حالة الصراع مع الأيديولوجيات الباقية إلى حالة الاحتواء المتفاعل لها، جامعة بذلك الروافد العديدة المتباعدة التي تؤلفها هذه الأيديولوجيات في مجرى واحد تحقق للعربي وحدة كلية على مستوى الهوية، تجمع داخلها جميع العناصر المشتركة بين هذه الأيديولوجيات. أما لماذا الفكر القومي لا غيره من الأيديولوجيا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram