TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عثرات أنثى :حريّة المرأة بتعرية جسدها!

عثرات أنثى :حريّة المرأة بتعرية جسدها!

نشر في: 30 نوفمبر, 2011: 07:07 م

 ابتهال بليبل مصرية، اسمها علياء المهدي، تناقلت المواقع الالكترونية والصحف العربية أخبارها، فهي ناشطة عمدت إلى نشر صورتها وهي عارية في مدّونتها... وقالت المواقع الالكترونية إن علياء هي أول فتاة عربية تطالب بالحرية من خلال التعري... ولا أعتقد أن هذا الكلام فيه شيء من الدقة، فإذا كانت علياء أول امرأة تتعرى وفق ما يشاع، إذن ماذا نقول عن العري العتيق الذي يصاحب عقل المرأة وإمكاناتها،
 وكأنها مرصودة بمفهومه.. وإذا كانت علياء تعري جسدها على مرأى من عشاق الانترنت ومدمنيه، فالمرأة على طول حياتها متهمة بعري أفكارها، وعلى مرأى ومسمع الأجيال، يتدارسونها وينشغلون بها وكأنها خطيئة لا يمكن مغفرتها.. وماذا نقول عن عري النفس المستشري، وعري الأحكام الاجتماعية والتقاليد العشائرية المسلطة على المرأة، فضلاً عن المتعري الأكبر - القانون- الذي لا يتكلف بسحب أي خرقة عدالة بالية للتحشم أمام حقوق المرأة المسلوبة..  الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف الموجه ضد المرأة مثلا، لم يكن يقصد به انتشال المرأة من الظلم الواقع عليها، بل لتعريتها وهي سابحة فيه، لأنه لو كان ما ينادى به فسيطبق على أرض الواقع، لتغير حال المرأة، وحتى عيد المرأة العالمي جُعل لتعرية إمكانات المرأة.. وإذا كانت ثورة علياء هذه في التعري، وحولها مؤيدون ومعارضون، فإن عري القوانين والأحكام العشائرية وحتى النفوس المسلطة جميعها ضد المرأة، لم ينقسم فيها الجمهور وكانوا جميعهم ضدها.. والحق أقول، قضية علياء المهدي لا تعنيني ولا تهمني ولست من المؤدين لها، إنما ما يهمني هو مفهوم التعري الذي قامت الدنيا عليه ولم تقعد.. وأستغرب من مجتمع عارٍ يصب جم غضبه على فتاة لا تفرق صورتها عن صور لنساء عاريات مطبوعة على علب الشامبو وأكياس الجوارب النسائية، فصورة علياء هذه هي، مخاطبة إعلانية ونبذة عن مستوى الإعلانات في العالم العربي الذي يحاول تقليد أساليب الغرب في كل شيء.. ومن الجدير بالذكر، أننا حينما ننادي بحرية المرأة لا يعني هذا التعري أمام الجميع، وما الجدوى في هذا النوع من التحرر، إذا كان لا يعني شيئاً سوى الانضمام إلى فئة المرضى كما يفسره المتخصصون.. كما أن الخطأ الشائع هو أن التحرر بالضرورة يتطلب تعرية الجسد، كل هذه جرائم تاريخية بحق المرأة وحريتها، وما فعلته علياء هو لتعرية المرأة لما بقي لها من حقوق في نيل حريتها أمام المجتمع...علياء هذه، مؤامرة ضد حرية المرأة وكرامتها، وخطوة لانتكاسة جديدة تضاف لقضايا المرأة العربية، ليس لأنها ظهرت بصورة عارية، بل لأنها تصورت أن حرية المرأة تكمن بعريها.المطلوب من منظمات المجتمع المدني وخبراء العلوم الاجتماعية والنفسية الوقوف على قضية علياء هذه، ودراستها، في محاولة منهم لتصحيح المفاهيم الخاطئة لكل من المجتمع والمرأة، وتوضيح الفرق بين القضايا الإنسانية والأخلاقية وعلاقتهما بمفهوم الحرية الحقيقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram