بغداد/ د. معتز محي عبد الحميد في مقبرة الرمادي انهمك الدفّان وأولاده في إزالة التراب والطابوق عن قبر بُني حديثا وعلى مقربة منهم قاضي التحقيق وبعض ضباط الشرطة ومنتسبيها وأشخاص يتابعون من بعيد ما يحدث أمامهم ، فمن المؤكد أن هذا المشهد لم يتكرر كثيرا ،
فللموت حرمة يعرفها الجميع ، وما أصعب أن تقبل أسرة باستخراج جثة أحد أبنائها بعد موته ، ولكن الظروف فرضت هذا الأمر الصعب على أسرة (س) ، في هذه الأثناء تغير المشهد في أحد المنازل في حي العزيزية وبالتحديد هو نفس المكان الذي كانت تعيش فيه صاحبة الجثة السيدة (س) زوجة ابنها الشابة (و) كانت في حالة قلق شديد، كانت تتجول في الهول والحديقة والتوتُّر يكسو ملامحهاوقفت في الحديقة تنظر من الباب إلى شيء مجهول أمامها ، بدا وكأنه شريط ذكريات يمر أمام عينيها ، كانت تنتظر شيئا ما مفزعا ، مكالمة ، وربما زيارة غير مرغوب فيها، عاشت هذه الساعات المفزعة ،بعدها استلقت على أقرب مقعد إليها ... لم تدر أنها استغرقت في النوم من فرط إجهادها وتوترها! تسللت خيوط الصباح لتغمر المنزل البسيط بالضياء ، فجأة أصاب (و) فزع شديد حينما استيقظت على صوت طرقات قوية على باب بيتها، تثاقل قدماها وهي تسير في اتجاه الباب لتفتحه، تلعثمت وهي تسأل عن الطارق في هذا الوقت، جفلت في مكانها لحظات عندما اخبرها ضابط التحقيق باسمه ، قبل أن يعيد الضابط طرقاته ويطلب منها أن تفتح الباب ،على وجه السرعة، كانت (و) تعلم أن الضابط يحمل لها مفاجأة غير سارة، لكنها اضطرت أن تفتح الباب، ومنذ البداية أدركت أنه يعرف كل ما يدور بداخلها .سر الوفاة بكل ثقة دخل الرائد ضابط التحقيق إلى المنزل الذي يعرفه جيدا ، فمنذ أقل من شهر كان الضابط يعاين البيت الذي لقيت والدة زوج (و) مصرعها فيه، ولكنه الآن كان يدرك أن الزوجة خدعت الجميع، نجحت بجدارة في مشهد تمثيلي يحسدها عليه أكثر الممثلين إثارة بالدراما، أرجوكِ أن ترتدي ملابسك، وتأتينَ معي بهدوء ، بهذه الجملة بادر الرائد ضابط التحقيق الزوجة التي حاولت أن تعترض، أوتسأل عن سبب ذهابها معه إلى المركز، ولكن الكلمات احتبست في حلقها، لم تملك سوى الاستجابة لأوامر الرائد، اصطحبها الرائد إلى سيارة الشرطة التي انطلقت متجهة إلى المركز،تتبعها سيارة أخرى فيها مفرزة من المفوضين والمراتب بمختلف الرتب ،في الطريق أخبر الرائد مديره بالقبض على (و) والذي طالبه باستجواب الزوجة بشكل تفصيلي تمهيدا للحصول على اعتراف صريح منها بهذه الجريمة الشديدة الإثارة، عادت الذاكرة بالرائد إلى الوراء، حينما تلقى إخبارا من شرطة النجدة بسقوط امرأة مسنة من الطابق الثاني على الأرض لتلقى مصرعها على الفور، على إثر ذلك الإخبار انتقل الرائد إلى محل الحادث مع مجموعة من مراتب الشرطة لمعاينة الجثة والاستماع إلى شهود الحادث، (و) كانت في حالة انهيار تام، في كلمات متوترة أكدت أن ( عمتها ) أم زوجها كانت تعاني صداعا مزمنا بسبب أمراض الشيخوخة والضغط وفي هذا اليوم وعندما كانت في الشرفة بالطابق الثاني فجأة اختل توازنها، وسقطت على الكاشي من الطابق الثاني وهي جثة هامدة ، تجمع الجيران، حاولوا تهدئه الزوجة التي كانت في حالة انهيار تام،على إثر ذلك شعر الرائد في حينها بعدم وجود شك بالوفاة ولا توجد شبهه جنائية بالحادث واعتبره قضاءً وقدرا، بعدها قرر الطبيب ـ الذي لم يشرِّح الجثةـ دفنها ،وأسدل الستار حول الحادث دون توجيه أي تهمة لأحد واعتبرت وفاة السيدة (س) طبيعية في هذه الأثناء كان زوج (و) مسافرا في رحلة تجارية إلى الصين ،عاد فجأة بعد أن تلقى خبر مصرع والدته، لا يدري لماذا كانت خيوط الشك تحيط به ،هاجس يدوي في أذنيه ليؤكد له أن والدته لم تمت بشكل طبيعي ،بل إن هناك أيادي خفية وراء مصرعها !بقعة دم كشفت السر حينما عاد الزوج لم يصدق دموع زوجته، فهناك من أخبره بوجود مشاكل ومشاجرات مستمرة وصراع بين زوجته (و) والحجية والدته ،حيث كانت (و) تحاول فرض سيطرتها على البيت، وواجهتها والدة الزوج باعتراض شديد ومنعتها من التصرف في أموال ابنها أثناء غيابه، أثناء تجول الزوج في المنزل فجأة لمح بقع دماء قديمة، رغم محاولة زوجته مسح الصالة أكثر من مرة، إلا أن آثار هذه الدماء ظهرت بوضوح في أحد أركان الصالة، ولكن الزوج لم يخبر زوجته بما اكتشفه، جلس في غرفته يفكر بهدوء،أخيرا حسم أمره وتوجه إلى مركز الشرطة وأخبر مديرها بذلك، حيث أكد له أنه يشك كثيرا في وفاة والدته ،ووجود علاقة لزوجته بالحادث وهي التي دبرت مصرعها ،على الفور أخبر الرائد قاضي التحقيق بمطالعة مفصلة وثبت فيها أقوال الزوج وشكه بافتعال الحادث من قبل زوجته (و) أصدر قاضي التحقيق أمرا باستخراج جثة القتيلة وتشريحها من قبل طبيب الطب العدلي، وبعد تشريح الجثة كشف تقرير الطبيب العدلي عن مفاجآت أكدت تعرض الحجية (س) للضرب ووجود إصابات مختلفة في جسدها حدثت على إثر معركة بينها وبين قاتلها، سرعان ما اتجهت الشكوك نحو (و) فلم يكن هناك غيرها، فهي التي خططت،وأعدت مسرح الجريمة، وأقنعت الجميع بصحة روايتها، فهي الوحيدة التي كانت مع القتيلة لحظة موتها، وهي صاحبة الرواية ا
جريمة الاسبوع: قتلت أمّ زوجها.. خوفا من تطليقها!
نشر في: 2 ديسمبر, 2011: 06:18 م