  السليمانية / هانا رؤوف ذهبت رنا مع زوجها لمراجعة الطبيبة الأخصائية في مدينة السليمانية للتأكد من حملها. اكتشفت أنه لا يفصل عن موعد ولادة طفلها وعيد ميلاد والده سوى بضعة أيام. هنا ردّت عليها الطبيبة "ليست هناك أي مشكلة.. بإمكاننا تغيير موعد ولادة الطفل". وكان مقصد الطبيبة، إجراء عملية قيصرية وبالتالي تغيير موعد ولادة الطفل ليكون في عيد ميلاد الأب.
خلال السنوات الأخيرة الماضية، ازداد عدد النساء في كردستان بشكل خاص والعراق عموما اللواتي يفضلن إجراء العملية القيصرية على الولادة الطبيعية. يبدو أن لهذا التوجه أسبابا عدة أهمها خشية الأمهات من آلام ومخاطر الولادة من ناحية، ومن ناحية أخرى فأن الولادة القيصرية تدرّ دخلا ماديا كبيرا على الطبيبات، خصوصا اللاتي يعملن في المستشفيات الخاصّة، لذلك تنصح أغلب الأخصائيات النساء الحوامل بإجراء عملية الولادة القيصرية.من وجهة نظر طبية هناك حالات معينة يضطر فيها الطبيب لإجراء عملية قيصرية لإخراج الطفل، منها أن يكون وضع المشيمة في أسفل الرحم مما يمنع الطفل من الخروج بشكل طبيعي. أو إذا كانت حالة الطفل في الرحم غير مستقرة بحيث لا تصله نسبة كافية من الأوكسجين، أو أن يكون تموضعه داخل الرحم لا يمكنه من الخروج بشكل طبيعي.لكن من الواضح إن إقدام النساء الحوامل على العمليات القيصرية لم يقترن غالبا بهذه الأسباب.سروة أحمد، ممرضة متقاعدة، تشير إلى أن الأطباء قبل عشر سنوات لم يكونوا ليرضوا بإجراء عمليات قيصرية من دون سبب، لكن الآن الوضع تغير، فهم يشجعون الحوامل للتوجه إلى العيادات الخاصة لإجراء تلك العملية."فقط في يوم 11/11/2011، في واحد من المستشفيات الخاصّة في مدينة السليمانية تمت ولادة أكثر من 50 طفلاً بعمليات قيصرية"، هذا ما كشفته طبيبة حديثة التخرج اختصت مؤخرا بالأمراض النسائية. وتوضح الطبيبة التي تعمل في إحد المستشفيات الستة الأهلية في مدينة السليمانية لـ "نقاش": "في المستشفيات الاهلية، مئات النساء طلبن من طبيباتهن أن يكون موعد ولادات أطفالهن في يوم 11/11/2011 لأن التاريخ مميز وجذاب ... بعضهن "كن لا يزلن حوامل في شهرهن الثامن". هذه الطبيبة تشير إلى أن مخاطر العمليات القيصرية "كثيرة جدا"، لكنها "أصبحت عملية تجارية تدر دخلا جيدا على جيوب الأطباء لذلك يوصون النساء بها". وتصل تكاليف العملية القيصرية الى 600 ألف دينار عراقي (500 دولار أميركي)، إضافة إلى بعض التكاليف الأخرى، منها البقاء في المستشفى وشراء الأدوية التي في بعض الاحيان تصل أسعارها الى مليون دينار. وتجري في كل يوم أكثر من 20 عملية قيصرية في كل واحدة من تلك المستشفيات الخاصة، فيما تجري الولادة الطبيعية في المستشفيات الحكومية من دون مقابل. ويحذر الأطباء من آثار سلبية قد تنتج عن خياطة الجرح، كما ان هناك احتمال تعرض الحامل للنزيف. ومع ذلك فان نسبة الولادة القيصرية في المستشفيات الأهلية تتزايد يوما بعد يوم كما ذكرت الطبيبة الشابة. وحسب مصادر طبية، فإن الولادة الطبيعية أفضل وأقل ضررا من العملية القيصرية. وفي بعض الأحيان قد يسبب التخدير للمرأة الحامل ببعض الأعراض الجانبية لها ولطفلها. وقد تسبب العملية ضررا كبيرا للمرأة بحيث من الممكن أن يحرمها من الإنجاب مرة أخرى إذا ما تعرض الرحم إلى إصابات خلال العملية، يقول أطباء. وفي مسح أجرته منظمة الصحة العالمية في العراق العام 2006 تبين أن 20 بالمئة من الأطفال ولدوا في ذاك العام قيصريا. كما أشارت دراسة أخرى صدرت في أربيل أن الرقم ارتفع كثيرا بين 2006 و2008. و"بشكل عام" أفاد واضعو الدراسة بأن "20 بالمئة من حالات الولادة في المستشفيات الحكومية في الإقليم و60 بالمئة في المستشفيات الخاصة في 2008 كانت ولادات قيصرية". خلال إعداد هذا  التقرير، أجرت "نقاش" مقابلات مع عدد من النساء العراقيات المقيمات في أوروبا، أكدن  أنه في تلك البلدان ولدن أطفالهن بطريقة الولادة الطبيعية، وأنه من الصعب جدا ولادة الطفل بعملية قيصرية بأي شكل من الأشكال إلا في حالات وجود خطر حقيقي على حياة الأم أو الطفل. تقول فرميسك عبدالله المقيمة في السويد "بصراحة ما أراه واسمعه هنا في كردستان يحيرني بشدة! الأطباء هنا يقومون بإجراء عمليات قيصرية بمزاجهم ولا يوجد أي شخص يحاسبهم على شق بطون تلك النسوة".ولدت فرميسك طفلتها الأولى قبل سنتين في السويد بشكل طبيعي وهي الآن حامل بطفلة أخرى في شهرها السابع ولأنها في السويد، فهي متأكدة من أنها ستلد الطفلة الثانية بشكل طبيعي أيضا، لأن "الولادة الطبيعية أفضل لصحة الأم والطفل معا". في الوقت نفسه تقول فرميسك: "في السويد تحظى النساء الحوامل بأهمية ومعاملة خاصة، خصوصا أثناء الولادة، لكن ما اسمعه من نساء كردستان مختلف جدا". وتستطرد "قد يكون هذا هو السبب الذي يدفع النساء إلى دفع مبلغ من المال لإجراء العملية القيصرية في المستشفيات الأهلية".حسب المقابلات التي أجرتها "نقاش" مع نساء وضعن أطفالهن في المستشفيات الحكومية، فإن معام