TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن..اضحك.. مع محافظ بغداد

العمود الثامن..اضحك.. مع محافظ بغداد

نشر في: 2 ديسمبر, 2011: 10:16 م

 علــي حســـــين لم أكن أعرف أن السيد محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق يتمتع بروح الفكاهة وبقدرة غير عادية على اصطياد النكات، فالرجل اكتشف أن الحكومة تتحدث بالدستور لكنها لا تلتزم به، ولعل هذه المرة الأولى التي أعرف فيها أن المحافظ يعمل في صفوف المعارضة وأنه يشعر بالضيق من أداء الحكومة، ولأن النكتة بالنكتة تذكر، فإن حديث المحافظ عن السيطرات الأمنية في شوارع بغداد أثار عندي أكثر من علامة تعجب واستغراب، فقد اكتشف المحافظ متأخرا أن "الإجراءات الأمنية المشددة للقوات العراقية بمناسبة الاحتفال بيوم الوفاء
كانت مفاجئة وفيها نوع من الإفراط الكبير وهذا غير مقبول، لاسيما بعد تسلّم الملف الأمني"، مبينا أنه "انسحب من الاحتفال احتجاجاً على هذه الإجراءات غير المقبولة والاستفزازية" وأسأل السيد المحافظ الذي فوجئ بالإجراءات الأمنية، ماذا يقول الناس الذين لا حول ولا قوة لهم وهم يعيشون كل يوم مسلسل نقاط التفتيش الذي لا يريد له البعض ان ينتهي، حيث باتت الاجراءات الامنية المشددة تقدم دليلاً إضافياً على أن رصيدنا في الحريات واحترام حقوق الإنسان صفر، ولعل المثير في تصريحات المحافظ هذه المرة هو إصراره على أن الحكومة لم تلتزم بالدستور حيث "قرر الانسحاب من حضور الحفل طالما كانت معاملة القوات الأمنية بهذا الشكل"، موضحا أن "الحكومة لم تقرأ المادة 122 من الدستور التي تنص على أن المحافظ هو الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة". ولا أدري عن أي رئاسة يتحدث، هل هي رئاسة جمهورية بغداد؟، أم رئاسة وزراء إقليم بغداد وكيف فات المحافظ أن الاحتفال الذي أقيم لم يكن بمناسبة مغادرة القوات الاميركية بناية مجلس المحافظة وإنما لأنها ستنسحب من الأراضي العراقية كافة، والتي من المفترض ان بغداد هي عاصمة جمهورية العراق حسب الدستور الذي يلوح به السيد عبد الرزاق في المناسبات فقط. لعل الغريب في الأمر أن المحافظ أقام الدنيا وأقعدها بسبب منعه من الوقوف إلى جانب السيد بايدن ومصافحته والتقاط صورة تذكارية معه، وبدت مساحة الانزعاج وحجم العصبية واضحة في تصريحاته وكأنه تعرض إلى عدوان غاشم، لكنه في المقابل لم يبد أي رد فعل أو تصريح على تقرير منظمة عالمية اعتبرت بغداد أسوأ مدينة.. لم يندهش او يستغرب او حتى تبدو منه ردة فعل واحدة تؤكد لنا حقاً انه محافظ لبغداد التي يريد اليوم ان يداري فشله في إدارتها فقرر أن يتحول إلى احد دعاة الالتزام بالدستور، وكان الأولى به أن يتحول إلى مناصر للعاصمة التي انتشر فيها الخراب. من المؤسف أن يحاول البعض الضحك على عقول الناس، حين يسطر خطاباً لكل مرحلة، فالسيد المحافظ الذي خرج علينا يعلن انزعاجه من الاجراءات الامنية هو نفسه الذي كان قد دافع عنها في أكثر من مناسبة، وهو نفسه الذي قال قبل اشهر معدودات ان نقاط التفتيش هي اداة حماية ودفاع وتوفير أمن وليست غير قانونية، وحين ظلت المشاكل تحاصر أهالي بغداد من كل جانب خرج عليهم المحافظ ذات يوم ليقول إن الناس في بغداد يعيشون في بحبوحة، ولم تكن البحبوحة في النهاية سوى سيطرات تعد على الناس أنفاسهم، ومزابل تنتشر في كل مكان، وخراب يزحف على ما تبقى من بهاء بغداد. كتبنا أكثر من مرة، أن بعض الأحزاب والقوى السياسية جاءت بمسؤولين لم يرتقوا سياسياً واجتماعياً، أفراد لم يكن من الممكن لهم أبداً أن يحصلوا على المكانة نفسها إذا ما تدرجوا طبيعيا وفق قواعد تنظم عمل الدولة ومؤسساتها، مسؤولين يخدعون الناس بخطب فضفاضة عن الدستور والقانون فيما الخراب والفساد يتجول طليقاً في الشوارع.من يدري ربما يخرج علينا السيد صلاح عبد الرزاق غداً بنكتة جديدة ويطلب منا، نحن أهالي بغداد، أن نعلق صوره على الحيطان وان نطلب منه المغفرة والصفح لأننا نسينا أن المحافظ هو الحاكم الفعلي، والأهم أن نرضى بما قُسم لنا من خراب وفساد ومن نكات فجة يطلقها البعض بمناسبة او من غير مناسبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram