□ بغداد/ رويترز استطاع البائع العراقي خضير عباس أن يفر من دون أن يمسّه أذى حين انفجرت أولى ثلاث قنابل هذا الأسبوع في السوق بحي الباب الشرقي الذي يوجد به الكشك الذي يملكه. لكن ابن عمه محمد لم يحالفه القدر نفسه من الحظ. اتصل عباس بابن عمه على الهاتف المحمول لكنه لم يجد ردا فعاد مسرعا ليجد جثته وقد سحقها كشكه. لقد كان واحدا من ثمانية أشخاص قتلوا في الانفجارات التي مازالت من مصادر الرعب المألوفة في العراق بعد نحو تسع سنوات من الحرب.
وقال عباس حين كان ينتظر مع أقارب آخرين خارج مشرحة مستشفى ابن النفيس بعد يوم من التفجير "بعد أن غادرت اتصلت لكن لم يجبني أحد. هرولت عائدا فوجدته ملقى على الأرض". وأضاف "ما الذي يمكن أن أتوقعه أسوأ من اليوم". وتنتهي مشاركة الولايات المتحدة في العراق حين تنسحب القوات الأميركية على مدى الأسابيع القادمة كما أن الأيام الأكثر دموية حين كان انتحاريون يقتلون المئات من الأميركيين والعراقيين في هجماتهم قد ولت.لكن الهجمات تستهدف قوات الشرطة والجيش العراقيين والمكاتب الحكومية في أغلب الأحيان إذ يحاول المسلحون زعزعة استقرار السلطات. ومازالت القنابل تقتل أو تشوه العراقيين الذين يوجدون في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب مثل سوق او بنك او طابور أمام بنك.ويستعد آخر 12 ألف جندي لمغادرة العراق قبل انتهاء العام الحالي بعد أكثر من ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح نظام صدام، وفي احتفال بسيط أقيم في بغداد يوم الخميس الماضي أشاد نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بالقوات الاميركية والعراقية لإنهائها الحرب.ومر العنف الطائفي الذي تصدر عناوين الصحف العالمية منذ أربع سنوات بعد أن دفعت القوات الأميركية والجيش العراقي الجماعات المسلحة والمتشددين إلى التقهقر.لكن العراقيين يشعرون بالقلق من أوضاع بلادهم متى يرحل الأميركيون. ويعتبر الكثيرون أن الأميركيين قوة احتلال لكن آخرين يرحبون بها لاعتقادهم أنها تمثل عازلا في ظل التركيبة الطائفية المعقدة للبلاد.ومازالت صباحات بغداد يخترقها دوي القنابل المزروعة على الطرق او انفجار صاروخ قرب المنطقة الخضراء الحصينة التي توجد بها السفارة الأميركية والعديد من المباني الحكومية.ويتكرر استهداف إسلاميين متشددين المباني الحكومية المحلية لتقويض الامن المحلي او اثارة توترات طائفية .وقال حيدر ملا حسين وهو عامل يومية كسرت ساقه اليمنى في التفجير الاخير "الاميركيون لم يفعلوا هذا ، العراقيون هم الذين فعلوا هذا. أصبحنا ضحية لكل الأطراف، ربما ينتهي هذا بعد انسحابهم."وفي ذروة الحرب بعد غزو 2003 واجه العراقيون اكثر من 100 هجوم في اليوم. وهاجم انتحاريون وفدوا من سوريا محملين بالمتفجرات القوية المساجد والشوارع المزدحمة لإلحاق أقصى الضرر. وتحولت الاحياء الى قلاع بعد أن جعلت الميليشيات من بغداد دوامة للعنف الطائفي. في عام 2006 وحده قتل أكثر من 17800 من الجيش والمدنيين العراقيين في أعمال العنف وفقا لإحصاءات حكومية. وبالنسبة للكثير من العراقيين لا يزال الأمن يمثل مبعث قلق رئيسي على الرغم من إعادة بناء العراق عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول اقتصاده الذي تضرر من الحرب بالاستعانة بعائدات النفط. ويحتاج العراق إلى استثمارات في كل عناصر بنيته التحتية تقريبا بدءا بالمستشفيات وانتهاء بمحطات توليد الكهرباء. وأصبح المتشددون الآن أقل قدرة وباتت قنابلهم اقل تأثيرا.لكن نطاق العنف مذهل إذ يستخدم المهاجمون السيارات الملغومة والقنابل المزروعة على الطرق والقنابل التي تثبت بالمغناطيس في السيارات وقذائف المورتر والمسلحين الذين يستعينون بأجهزة مزودة بكواتم للصوت في التخلص من المستهدفين. ولا يزال منفذو التفجيرات يستخدمون أسلوبهم المفضل وهو تفجير قنبلة ثم يقومون بتفجير أخرى او اثنتين حين تصل قوات الامن او الجموع. ويشن الانتحاريون هجماتهم ضد الأهداف في أحيان كثيرة حين تصرف حشود من الموظفين رواتبها او خلال تغيير نوبات العمل.ويصعد عدد القتلى من المدنيين ويهبط.. ففي آب سقط 155 قتيلا وفي أيلول 110 وكان أعلى عدد من القتلى يسقط في شهر واحد في تشرين الأول الذي ارتفع فيه عدد القتلى في أعمال العنف الى 161 شخصا.ويقول مسؤولون عراقيون وأميركيون ان الجيش بعد تحديثه قادر على احتواء ما تبقى من جماعات مسلحة في البلاد لكن الهجمات في الآونة الأخيرة تظهر مدى تعقيد الوضع الأمني.
العنف لا يزال جزءاً من حياة العراقيين

نشر في: 4 ديسمبر, 2011: 07:55 م









