حازم مبيضين حين سألتني زوجتي, السورية الأصل, إن كنت أقبل بحكم الإخوان المسلمين للأردن, لم يكن عندي غير جواب واحد, وهو أنه إذا اختارهم الشعب, ومنحهم الأكثرية النيابية في انتخابات نزيهة وشفافة, فإن على كل مؤمن بالديمقراطية القبول بذلك, وكان تعليقها أن السوريين لايريدون حكم الإخوان, وكانت إجابتي,
لماذا لانحتكم إلى صناديق الاقتراع؟ , وأنا أعرف أن السوريين قد يختارون الإخوان نكاية بالبعثيين, على غرار ما حصل في مصر, تطبيقاً لمقولة ليس حباً لزيد، ولكن كراهية لعمرو, فالسوريون الذين مروا بتجربة استمرت نصف قرن مع البعثيين, لم تكن كلها سمناً على عسل, خاصة على صعيد السياسات الداخلية, مضافاً إليها الأزمة الراهنة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر, فإن بعضهم يعتقد أن من حقه خوض تجربة مع الإخوان, لن تكون نهاية العالم, وستليها انتخابات يمكن أن تدفع هذا التنظيم الأصولي إلى زاوية مظلمة في حياة السوريين،من المؤكد أن الصورة المصرية تختلف عن ما يجري في سوريا, حيث أدى التدخل المباشر للكنيسة القبطية في السياسة والانتخابات, إلى دفع المسلمين للتصويت لصالح الإسلاميين, سواء كانوا إخواناً أم سلفيين, فالمصريون متدينون بطبعهم, على عكس غالبية السوريين الرافضين لفكرة ممارسة السياسة من منطلقات طائفية, كما أن الإسلاميين المصريين يمتلكون قدرة كبيرة على الحشد، وهم متواجدون بخدماتهم الاجتماعية, التي يقدمونها للبسطاء والمهمشين نيابة عن الدولة، على عكس ما هو سائد في سوريا, حيث لم يتمكن الإخوان من التمدد في خلايا المجتمع, بسبب السياسات الرسمية تجاه تنظيمهم, الذي يعتبر الانتساب إليه جريمة تستحق العقاب, لكن المؤكد أن الدعم المالي الخليجي للتيارات الإسلامية, يصب في جانب منه في خزائن السوريين, على غرار ما حصل في ليبيا ومصر، يتخوف الغرب المسيحي من صعود الإسلاميين, ويجري الحديث علانيةً عن محاولة أميركية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، بما يتلاءم مع مصالحها في المنطقة، بحيث يكون هذا الشرق أميركياً بلحية وعمامة وجلباب، وليس هناك شك في أن الأوروبيين يقفون حائرين تجاه التطورات المتلاحقة سريعاً في منطقتنا, وهم الذين اعتقدوا أن النظام السوري سيسقط سريعاً, أسوة بمصر وتونس, لكنهم فوجئوا بأن النموذج الليبي هو المرشح للتكرار, وهم يتخوفون اليوم من شرق جديد, تقوده التنظيمات الأصولية لتنشىء فيه أنظمة تعتمد على الدين كمصدر للتشريع, ويسألون في حال تحقق ذلك, عن مصير القوى اليسارية العلمانية التي ساهمت بفعالية في إطلاق الثورات وإنجاحها, خصوصاً وأن تفجر الصراع في ليبيا بين الإسلاميين والليبراليين والقوميين, قد يفضي إلى حرب أهلية مدمرة, ليس من مصلحة الغرب اندلاعها، سيكون غباءً التغاضي عن الموقف الإسرائيلي اليهودي من صعود التيارات الدينية إلى الحكم, وقلق الدولة العبرية من ذلك يتعلق بغموض الصورة, بعد نجاح الإسلاميين في مصر وتونس, لكن علينا ملاحظة أن سيادة الحكم على أسس دينية في منطقة, هي مهد الديانات السماوية, سيعطي دفعاً إيجابياً للمطالبة الإسرائيلية بالاعتراف بيهودية دولتهم, ذلك أنه مادام الدين يحكم دول الجوار فلماذا تحرم الدولة العبرية من ذلك, وهنا سيكون محتماً على الإسلاميين مراجعة مواقفهم من قيادة الدول, إلا إن كانوا يخططون لمحو الدولة اليهودية من خارطة المنطقة, وإعادة خلط الأوراق بين الطوائف الإسلامية, وإحياء الصراعات بين السنة بقيادة تركيا, والشيعة بقيادة إيران, والتغول على حقوق الطوائف الأخرى من غير المسلمين.
في الحدث:سوريا وحكم الإخوان
نشر في: 4 ديسمبر, 2011: 10:16 م