اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > رحيل ساحر الكلمات.. محمود عبد الوهاب...الكتابة حتى الموت

رحيل ساحر الكلمات.. محمود عبد الوهاب...الكتابة حتى الموت

نشر في: 7 ديسمبر, 2011: 10:02 م

علي حسين مشوار طويل شقه  الحكاء محمود عبد الوهاب بالإصرار والمثابرة والاهم بالمعرفة حتي حقق ما اعتقد أنها أحلامه وما تيقنا نحن محبيه انها احلام الكبار عبرقصص كتبت بحرارة الحس والقلب، من دون التفلسف الذي يفسد على القص  حيويته، من دون النفخ الفارغ في جلد اللغة.
 هكذا كنت اشعر كل مرة وانا اقرأ احدى قصص محمود عبد الوهاب،  قصص خطتها ريشة رسام لايغمض له جفن، فهو يقظ ابدا، يتسقط الكلمات بالعين فيوقد  منها صورا تتناثر منها  المعاني في كل صوب وتراها العين في نثارها وتجمعها في اضطراب كاضطراب الحلم، قصص تنتعش بروعة المستحيل، وهذا سر من اسرار العشق وهو عند محمود عبد الوهاب  عشق دائم، ساخر من نفسه، لايبالغ ولايهول، اسير المفارقات المستمرة التي انتهت بموت حزين على سرير احد مستشفيات البصرة، هذا الموت الذي طالما تحاشى ان يكتب عنه لانه حسب قوله: "يبعث على الكآبة والمخاوف، والمفارقة المثيرة: إنــــــــــك لو قـــــــلتَ لــــــــــــرجـــــل في الخمسين من عمره: إنك لم تكن موجوداً قبل أكثر من خمسين عاماً، لن يمتعض منك ولكنك لو قلت له: إنك بعد خمسين عاماً لن تكون موجوداً، فسينتابه، في تلك اللحظة، القلق والاضطراب وكأنه يمسك بكلتا يديه الفارقَ بين العدم الذي لم يكن فيه موجوداً والخوف من زوال وجوده الذي افترضته أنت " ظل الموت هاجس محمود عبد الوهاب يبحث عنه في الكتب والاساطير، شغلته المفردة فراح يسأل عن جذورها، عن هذا الغريب الذي يترصد الاحياء في كل لحظة مكشرا انيابه مثل ذئب قاس وشرس وظل يردد مع الجواهري منْ منكـمُ رغم الحياة وعبئهالم يحتسبْ للمـوت ألـفَ حسابِأنا أبغض الموت اللئيم وطيفهبُغضي طيوفَ مُخـاتلٍ نصّـابِذئبٌ ترصّدني وفـوق نيوبهِدمُ إخوتي وأقاربي وصحابــيولانه يحب الحياة  فهو يسخر من الأموات في الحياة ويقول لبعض الذين اعتزلوا الحياة: لو وضعت شهادة وفاة بجوارهم سيصبحون أمواتا رسميا.. وعندما تسأله: لماذا تعيش معهم  يقول: أنا المشترك وضعا والمختلف صقعا.***rnيتصل تكوين محمود عبد الوهاب  بقراءاته منذ صباه الباكر، التي مكنته من الاطلاع على  كل ما هو جديد في عالم الأدب، تلك البيئة التي ميزته عن أقرانه من معاصريه الذين امتهنوا حرفة الأدب. فقد كان لها من الأثر في فكره ووجدانه ما لم يكن للآخرين من بيئاتهم التي ينتمون إليها: "قراءة عامة من دونما اختيار. كنت ابحث عن ذاتي خارجها، مثل طفل يكسر لعبته ويطيل التحديق إلى داخلها المحشو بالقطن والأسلاك، بحثا عشوائيا عن الصفير الرتيب، الذي يأتيه بلا انقطاع كلما ضغط على جسد لعبته بيديه.،، وكان كل ذلك حلما تعويضيا عن جدب الحياة. مباهج القراءة تجعل من القارئ شخصا مختلفا. فالقراءة عامل تغيير. والكتاب مثل النهر "لا ندخل فيه مرتين"، لكن تلك المباهج كالكهف المكتنز، لا يفتح بابه إلا بكلمة سر، وكلمة السر هنا، قدرة القارئ على التعلم، وإدراك ما يقرأ. بعد فقد بصره، كان بورخس يبكي وهو يصغي إلى ما تقرأ له أمه، كانت تسأله: لماذا تبكي، وكان بورخس يجيب: ابكي لأنني أفهم.قصص محمود عبد الوهاب  كتبت  بلغة الحياة بلا تعال عليها، وبموسيقى أشبه بفوضى أصوات البشر. ولم يكن ذلك غريبا على رجل اخلص لادبه منذ ان كتب اول قصة ( خاتم ذهب صغير )  وهي القصة التي اعاد نشرها في مجموعته " رائحة الشتاء الصادرة عام 1997 وهي مجموعتة الاولى والاخيرة . وقد كتب على غلافها الأخير: ” بين (خاتم ذهب صغير) ــ أول قصة ظهرت لي في صحيفة بغدادية، و” طقس العاشق  “آخر قصة  كتبتها عام 1997 ــ إرتحالات في رؤى سردية متحولة وجدت  نفسي في نهايتها بعيدا ً عن الدهشة الأولى بأول حلم قصصي انبثقت منه الشخصية الأولى والمشهد الأول، وقريبا ً من استبصار مغاير ارتقت تقنيتي به إلى مرصدي الأخير بين قصص هذه المجموعة. أتذكر انني سودت مئات الصفحات في سنوات تلك الارتحالات  حتى وجدت نسختي المنقاة هنا ”. لقد قوبلت هذه المجموعة  بترحيب  نقدي واضح وتم تناولها وفق أكثر من مقال  واعتبرها البعض أشبه بشريط سينمائي تتعدد اللقطات فيه لكن الكاميرا واحدة هي عين حكاء متبصر اسمه محمود عبد الوهاب يتقن طريقة التوليف   التي  برع فيها نتيجة  مراجعاته ودراساته السينمائية. في رائحة الشتاء  استطاع محمود عبد الوهاب  أن ينفذ إلى مواقع عليا في فضاء القصة العربية ، حيث ظل قاصا ًبارزا ً  دفعت النقد العراقي الى ان يبرز اسمه بامتياز  ليس في قلة ما نشر خلال ما يقرب من نصف قرن من الكتابة والعطاء الفني المتميز، ولا في تأنيه في كتابة قصته أناة ً يستدعيها الفن الرفيع، ولا هو في تفرد موضوعاته التي لم يختلط فيها مع غيره من القصاصين، ولا خالط سواه في رؤيته لها، أو في رؤية الحياة والإنسان من خلالها، بل هو فضلا ً عن هذا كله، في هذه الروح المتجددة والمتواص

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram