محمود النمر بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لرحيل رائد الحداثة والتنوير الروائي محمود احمد السيد أقام القسم الثقافي في جريدة طريق الشعب ،حفلا استذكاريا احتفاءً بهذا المبدع الكبير الذي وضع الأسس الأولى للرواية العراقية، وقد أدار الجلسة د. علي إبراهيم، استاذ الادب في جامعة بابل، مستذكرا أهم منجزات الراحل والمحطات المهمة التي تكونت لديه من خلال الاطلاع على الآداب العالمية والترجمية التي شكلت حجر الأساس في مكونات هذا الشكل الروائي الجديد الذي كان غريباً عن الوسط الثقافي العراقي،
وقال : لا يمكن الحديث عن رائد القصة العراقية محمود احمد السيد من دون المرور بشخصية حسين الرحال رائد الفكر التقدمي في العراق والعكس صحيح ، فقد جمع الرجلان أكثر من وشيجة، فهما من جيل واحد، ولدا عام 1903 ولكن لم يلتق السيد بالرّحال إلا عندما بلغ العشرين من عمره ، وكان الرّحال قد عاد تواً من ألمانيا ،حاملا معه العلوم التي تعلمها في ثانوية ألمانية ببرلين حيث أفاد من تجربة شيوعيي "سبارتاكوس بند" الذين قاموا ببناء متاريسهم في شوارع المدينة في عام 1919 ، ويعد الرحال أول ماركسي في العراق حيث قرأ لينين " الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية، و" الدولة والثورة"، و"صحيفة اللومانتيه" وصحف أخرى ، وقرأ شعر ناظم حكمت وروج للفكر الاشتراكي من خلال اقتناء كتب صاحب المكتبة العصرية محمود حلمي ،وقد تمكن الرحال من إقناع صاحب المكتبة العصرية باستيراد النشرات الاشتراكية .ثم تحدث د. عامر حسن فياض عميد كلية العلوم السياسية، حيث تطرق إلى نشاطه الأدبي والفكري، مشيراً إلى أنه صاحب نتاج وصاحب نشاط، والتفاعل مابين النشاط والنتاج يساوي مفكراً ، وأنا سأتناوله من هذه الزاوية ، اليوم هو مناسبة مرور 63 عاماً على إعلان منظمة حقوق الإنسان ، بقدر تعلّق الأمر بمحمود احمد السيد ، أعتقد أن لابد من أن نطالب بحق يمكن أن يدخل ضمن الجيل الرابع لحقوق الإنسان ، وهو حق الكشف عن صناع الإبداع ، أقول ذلك لسبب بسيط ،نحن في العراق لدينا تقصير؛ التقصير في المادة ،التقصير في البحث وفي التوصيف وتجنيس الإبداع والمبدعين العراقيين ، وأنا لا أعرف أن كليات الآداب في العراق كم هي منتبهة في مناهجها إلى محمود احمد السيد ، وحتى المدارس العراقية يوجد التقصير نفسه . وفي ورقة د. صبيح الجادر، استاذ الادب في جامعة بغداد، المعنونة "الفكر النقدي في أدب السيد القصصي والصحفي" جاء: أود أن أشير إلى الكتابات الصحفية لمحمود احمد السيد ،فهو بعد أن التقى حسين الرحال كانت لقاءاتهم تلازمية كما حصل بين نجيب محفوظ وسلامة موسى، وهذا التلازم هو فكري وحداثوي يبحث في الواقع الذي كان سائدا في تلك الفترة ،وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى ، وقد خرج العراق بعد تلك الحرب وهو لا يمتلك دولة، كانت هناك ولايات متناثرة مثل الموصل، بغداد والبصرة وكان الاتصال بين تلك الولايات صعبا جدا ،عندما فتح محمود عينيه على الواقع رآه واقعا فاسدا رغم أن مرجعيته الأولى كانت مرجعية دينية فهو ابن خطيب جامع الحيدر خانة، وقد علمته هذه المرجعية الحكايات القديمة وبعض الأمور الفقهية والدينية وقراءة الشعر والأدب ولم تكن هناك قصة في العراق ، وكان ذلك في عام 1919-1920 في هذه الفترة كتبت بمصر الرواية عام 1912 وعام 1917 ، ظهرت أول قصة فنية كتبها محمود تيمور في ذلك الوقت ،وقد كان ما يصل إلى العراق الشيء النادر جداً .وقرأ الشاعر إبراهيم الخياط ورقة الناقد ياسين النصير بعنوان "محمود احمد السيد ريادة اجتماعية" وجاء فيها: للريادة طعم الولادة الدائمة، هكذا تذكرنا ريادة الحداثة الشعر في العراق، وعندما نتحدث عن السيد قاصا وروائيا، ستقتصر ريادته على ما أنتج فيهما من تصورات جديدة، وهذه ريادة غير مكتملة ،فقد سبق السيد آخرون ، وهم ينتجون روايات وقصصا ولعل الرواية الايقاظية لسليمان فيضي التي أنتجت في البصرة أواخر القرن التاسع عشر، أقدم منها وإن لم تكن نقية الأسلوب ومحددة النوع.وساهم عدد من الحاضرين في القاء اضواء على اسهام محمود احمد السيد في الفكر والصحافة والادب. وفي هذا السياق قدمت مداخلات متنوعة من الاساتذة: الناقد باسم عبد الحميد حمودي، الاكاديمي د. نجم عبد الله كاظم، الناقد محسن حسن عناد والقاصة نعيمة مجيد.
محمود أحمد السيد مفكراً وروائياً.. استعادة رائد الحداثة والتنوير في العراق
نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 07:03 م