بغداد/ المدى شهدت عملية معالجة الجرحى على ارض المعارك تطورا دراماتيكيا خلال سنوات حرب العراق، حيث دفعت العبوات المحلية الصنع الجيش الاميركي الى تعديل اصول معالجة الجنود والالتزام بمبدأ اساسي: وقف النزيف ينقذ الحياة. وشهدت عمليات الاسعاف الاولية للجرحى في ساحة المعركة ثورة خلال سنوات الحرب الثماني في العراق، حيث قتل 3480 جنديا اميركيا في مواجهات واصيب حوالي 32 الفا آخرين.وتعود حوالي 70 بالمئة من الاصابات الى انفجار عبوات محلية الصنع تؤدي الى اصابات بحروق وبتر الاطراف وتؤثر على الرئتين.وفيما يعمل الدرع الواقي والآليات العسكرية المصممة حديثا على التصدي لخطر العبوات الناسفة،
فان الجيش قام بتغيير مقاربته لكيفية التعامل مع الاصابات الناتجة عن هذه العبوات.وفي النتيجة، حصل الجنود الاميركيون الذين اصيبوا في العراق على فرص افضل للبقاء على قيد الحياة اكثر من اي صراع عسكري آخر خاضته الولايات المتحدة، حيث عاد 90 بالمئة من المصابين الى بلادهم في مقابل 76 بالمئة خلال حرب فيتنام.وحصل التغيير الاكبر عندما جرى استخدام الرباط الذي يوقف تدفق الدم نهائيا في جميع عروق الاطراف المتضررة حتى يتوقف النزيف تماما، وهي طريقة وجدت قبل حوالي مئة عام لكنها لم تستخدم بكثرة كونها كانت تؤدي الى بتر الطرف المصاب.ويقول المقدم روبرت مابري الذي عالج جنودا مصابين في معارك مقديشو عام 1993 "عندما كنت مسعفا، كنا ننظر الى هذا الرباط على انه الملاذ الاخير".وفي حروب سابقة، لم يكن يحمل المسعفون الاميركيون هذا الرباط معهم، الا انه كان عليهم استخدام اشياء اخرى لوقف النزيف وقطع تدفق الدم، مثل العصي.ويحمل المسعفون الاميركيون والجنود معهم اليوم رباطا صنع خصيصا لهذه الغاية، فيما تعكس هذه الاداة الجديدة وجهة نظر اطباء الجيش الذي يرون انه في الحالات الطارئة يمثل وقف النزيف اهمية اكبر من المحافظة على ضخ الاوكسجين.وتقول الكولونيل باتريسيا هاستينغز التي ادارت مهمات تدريب على الطب العسكري ان "هناك مهلة اربع دقائق لايصال الاوكسجين الى احدهم حتى لا يبدأ دماغه بالموت، لكن هناك فرصة لحركات ضغط قليلة على القلب قبل خسارة الكثير من الدم وفقدان الامل بالحياة".وبحسب دراسة طبية اجريت في العراق، فان 862 رباطا جرى استخدامها على 459 اصابة، وقد نجا حوالي 87 بالمئة من الجنود في ما لم يواجه اي منهم عملية بتر لاحد اطرافه جراء استخدام الرباط.وبعد الاطلاع على الاصابات في حرب فيتنام، توصل عدد من الاطباء والمسعفين السابقين الى ان مقاربة الجيش كانت تحكمها الى حد كبير تعاليم الطب المدني بدل ان تحكمها الحقائق على ارض المعركة.ويقول مابري الذي لعب دورا اساسيا في اعادة صياغة قوانين التعامل مع الاصابات في المعارك ان "التعرض لكمين مختلف عن التعرض لحادث سير، اذ ان طبيعة الاصابة تكون مغايرة".والى جانب الرباط، يستخدم المسعفون اليوم انواعا خاصة من الشاش، وابرا كبيرة وقسطرات تساعد على سحب الهواء من الجروح في الصدر، وقساطل صغيرة خاصة لفتح ممرات للهواء في الحلق او الانف. كما يخضع المسعفون الاميركيون الى عملية تدريب اكبر من تلك التي كانوا يخضعون لها في السابق، وتشمل اليوم 16 اسبوعا من التدريب وتلقي التعليمات.وحتى في صحاري العراق، فان المسعفين يركزون حاليا على ابقاء الجندي المصاب في حالة من السخونة، كون انخفاض الحرارة يشكل خطرا كبيرا على شخص خسر الكثير من الدماء.
الطب العسكري الأميركي خلال الحرب

نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 10:28 م









