TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة :غاب الماء، وجب التيمم

السطور الأخيرة :غاب الماء، وجب التيمم

نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 10:39 م

 ســـلام خـــياط السواد الأعظم من المواطنين الذين ليس لهم باع طويل – ولا قصير – في علوم الاقتصاد ومتاهات العمليات الحسابية المعقدة، تربكهم وتصيبهم بالدوار، أعداد المتواليات الهندسية التي تتقافز على يمينها الأصفار، اثنان، أربعة، ثمانية،ومضاعفاتها، ومضاعفات مضاعفاتها إلى ما لا نهاية... بهكذا دوار وصداع قرأ المواطن أرقام الميزانية الجديدة، المعلنة لعام 2012،
 والتي وصفت بأنها أضخم ميزانية في تاريخ العراق، قديمه وحديثه. والتي بدت بتفصيلاتها الضبابية، أشبه بلوحة كلمات متقاطعة، أحجية غير قابلة للحل، قرص دواء لتسكين الألم لا مبضع لاستئصال الأورام، فما بين بند –غير مفصل– لموازنة  استثمارية، وبند مبتسر لموازنة تشغيلية، وبند مختصر للخدمات الاجتماعية، وبند متلفع بالسرية والإبهام للرواتب والنفقات السيادية..  بواردات ضخمة اقتصرت على ريع وبيع النفط وأهملت أو تجاهلت، أو همشت مصادر الدخل القومي الأخرى، لسبب أو لآخر. لفتت نظر المراقبين المخضرمين في شأن إعداد الميزانيات ثغرات عديدة تصدرتها سوءتان (المفردة سوءة) لا يمكن تجاهلهما او المرور بهما مرور الكرام..  الأولى: إشارة التقرير إلى عجز في الميزانية الجديدة بمبلغ يقدر بـ(15) ترليون دينار _لاحظوا الترليون– الذي يعادل ما قيمته –14 مليار دولار، ولكي يداري التقرير مسألة العجز، يؤكد أن العجز ستتم تغطيته (من أين؟؟) من المبالغ المدورة من موازنة العام الراحل، أو من الاقتراض الداخلي!!(لم يفصح التقرير عن ماهية المقرضين وشروطهم الاستثمارية، ولا نسبة الفائدة المطلوبة).. أو من الوفر المتوقع في زيادة سعر برميل النفط _ ماذا لو لم يتحقق الوفر في ظل الأجواء الملبدة للاقتصاد العالمي. أو (وهي أو كبيرة على كل صعيد إذ معناها الارتهان للمقرض والإذعان لشروطه مهما بدت تعسفية) أو..الاقتراض من صندوق النقد الدولي.. أو البنك الدولي (لا يذكر التقرير مبالغ الاستدانة، ولا يذكر نسبة الفوائد والفوائد المركبة والتأخيرية).. تضمن التقرير المفصل للميزانية أيضا، جملة أوردها على استحياء..إذ أشار إلى أن تلك المبالغ أدرجت بعد  استبعاد -النفقات السيادية-.. والتي غض التقرير الطرف عن كمياتها،، وأسماء المستفيدين منها. هذه السوءة الثانية التي لا يمكن لأحد أن يواريها بغربال ولا أن يدسها في التراب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram