اسم الكتاب: ما كان يسمى أميركا المؤلف: توماس فريدمان وميشيل ماندلبوم ترجمة: عبد الخالق علي فشل يتلو فشل، فقاعات تتفجر، حروب لم يتحقق فيها النصر، دوافع ليس فيها شيء من التحفيز.
كل ذلك أغرق الولايات المتحدة في أسوأ انهيار اقتصادي منذ ثلاثينات القرن الماضي، وفي الوقت نفسه تواجه أميركا- في الباسفيك – منافسا جيوسياسيا، فاعلا اقتصاديا. هذه المجموعة من العوامل لم نشهدها منذ ألمانيا القيصرية.في هذا الوضع القاتم، يتقدم المؤلفان ليمنحا بعض الأمل. بسبب التوتر الموهن الكامن في صميم هذا الكتاب والتناغم الانفعالي غير المنسجم، لا اعتقد انه ينبئ عن عدم توافق بين المؤلفين بقدر ما هو عدم توافق داخل كل منهما. يصف فريدمان وماندلبوم أنفسهما بشكل متكرر بأنهما " متفائلان" وأن كان تفاؤلهما محبطا. مع هذا فالقصص التي يرويانها توحي باستنتاجات مختلفة ولا تطمئن كثيرا. فريدمان هو احد المعلقين الأميركان الأكثر شهرة، وماندلبوم هو احد خبراء أميركا الأكاديميين الأكثر تميزا في السياسة الخارجية، وآراؤهما معروفة جدا. إنهما يتحدثان الى يسار مركز السياسة الأميركية المترضرضة: من اجل التجارة الحرة وإصلاح الرعاية الصحية والاستثمار في التعليم والبنية التحتية. هناك الكثير مما يثير الإعجاب في هذا المدخل. انه مدخل تقدمي وليبرالي بكل ما في الكلمتين من معنى، مما أنتج كتابا متنورا وناشرا للتنوير في الوقت نفسه. فريدمان مراسل جيد، يأخذنا معه لزيارة مدرسة إعدادية للشباب المشاكسين ترسل مئة بالمئة من خريجيها الى الكلية، ثم يأخذنا لنرى طائرة نفاثة جديدة تستخدم وقودا نصفه مأخوذ من زيت بذور الخردل المضغوط. كانت الشراكة مع ماندلبوم مثمرة، تكبح إفراط فريدمان الفاحش وتعزز الكتاب بقوة تحليلية إضافية: جدول يفصّل انهيار الدعم الفيدرالي للبحوث، والتطوير فيه مثير للإزعاج. المؤلفان يقدمان سلسلة من الأمثلة عما يمكن أن تفعله أميركا بشكل أفضل مما فعلته في الماضي القريب. ورغم عنوانه المضلل، فان الكتاب ليس عن " كيف نقوم بذلك " أي انه ليس كتابا عن النهج. فريدمان وماندلبوم لا يدخلان في تفاصيل البرامج، بل هما يشددان على قوة النماذج الجيدة: مثال يتلو مثالا عن أولئك المتطلعين للمستقبل، وعن القادة العسكريين الكفوئين، ومدراء التعليم الأقوياء، والسياسيين الذين يشعرون بالمسؤولية ويحاولون تحسين الأوضاع. الكتاب اقرب إلى التظاهرة من كونه مجرد مزاعم: الوضع ليس ميئوسا منه! والنجاح ممكن! مع ذلك، فان فريدمان وماندلبوم يشيران أيضا الى أشياء مثل: المجندين العسكريين الجدد الذين ليست لديهم لياقة الأجيال التي سبقتهم بسبب افتقارهم إلى التمرين حتى صاروا كما يصفهم الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة " خليط من القيم " ويستمر ديمبسي بالقول " أنا لا أعني أنهم يحملون قيما سيئة، لكن من بين كل القيم المعروفة في مهنتنا فان الثقة هي أهم تلك القيم.وإذا كنا سنفعل شيئا حيال الجنود الجدد فعلينا أن نودع فيهم الثقة من اجل بعضهم البعض ومن اجل سلسلة القيادة ومن اجل الأمة ". هذا الرأي ذاته يتمسك به وزير التعليم آرني دنكان " حاليا يفشل اثنان من كل عشرة طلبة في التخرج من المدرسة الإعدادية على مدى أربع سنوات. وبالنسبة للتهرب من المدرسة فان الولايات المتحدة تأتي قبل المكسيك واسبانيا وتركيا ونيوزيلندا". هناك إحصاءات يدرجها فريدمان وماندلبوم، حيث يقولان " قبل ثلاثين عاما، كانت 10 بالمئة من الإيرادات العامة لكاليفورنيا تذهب للتعليم العالي و3 بالمئة الى السجون، أما اليوم فحوالي 11 بالمئة تذهب للسجون و 8 بالمئة الى التعليم العالي ". مثال آخر يأتي من جوزيف ستكليز " 1 بالمئة من الأميركان اليوم يستحوذون على ما يقارب ربع الدخل الكلي لأميركا كل عام، من حيث الثروة وليس الدخل... ويسيطر 1 بالمئة اليوم على 40 بالمئة من المجموع الكلي. هذا شيء جديد، فقبل خمسين عاما كانت الأرقام هي 12 و 33 بالمئة ". مثال آخر من البنتاغون على لسان دنكان " خمسة و سبعون بالمئة من الشباب الأميركي- مابين سن 17 إلى 24 – غير قادرين على الالتحاق بالخدمة العسكرية بسبب فشلهم في التخرج من المدارس الإعدادية، او لديهم سجلات إجرامية او أنهم غير مناسبين من حيث اللياقة المؤلفان " المتفائلان المحبطان" يتحدثان عن بلد شعبه يتخلف، ونظاما سياسيا يصاب بالشلل، ومؤسسات اقل كفاءة في مواجهة التحديات الجامحة. ويشيران إلى أن الصين قد قادت العالم حتى اصطدمت بسلسلة من " القرون السيئة" بعد عام 1644، هذه الحقيقة يمكن أن تنطبق على أميركا ايضا. التحذيرات في هذا الكتاب عادة ما تقترن بعبارة " ما لم ". فالقارئ العادي يتصفح الكتاب بحثا عن تحذير ليس فيه هذه العبارة. توصياتهم الرئيسية تتوقف وينقصها الاس
هل لأميركا مستقبل؟
نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 07:02 م