TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ديغا والباليه فـي الطليعة دائماً

ديغا والباليه فـي الطليعة دائماً

نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 07:49 م

■ ترجمة: عباس المفرجي كما كان ادغار ديغا راديكالياً كان رجعياً أيضا ، فكان يوازن بين عصرين. هنا ، نتمتع بلحظات من السكونية في معرض جديد يستكشف هاجسه مع الرقص. ادغار ديغا ، المحافظ التقليدي ، الرجل الذي كان يتصرّف ، أحيانا ، بغرور هائل، أدهش ادمون دو غونكور، عندما زار الكاتب مرسـمـــــه فــي 1874.
 انتصب على رؤوس أصابع قدميه، وهو يشرح فنّه ، دائرا بيديه مقلدا حركات راقصي الباليه التي استحوذت عليه بشدة . كان ذلك وميضاً من الإنسانية غير متوقع من هذا الشديد التمسّك بآداب المجتمع . كتب غونكور ، أن ديغا يمزج ((جماليات فنان الرقص مع جماليات الرسّام)). ديغا في تنورة باليرينا أمر لا يمكن تصديقه ، لكن محاولة تخيل ذلك هو شيء مسلٍّ .يعاد رواية هذه الحكاية في كاتالوج معرض "ديغا والباليه: حركات تصويرية"، الذي أُفتتح في الرويال أكاديمي في لندن. العرض الذي أشرف عليه المؤرخ ريتشارد كيندال ، وهو الأخير من استكشافاته العديدة عن الفنان الفرنسي الصعب ، المخالف ، والمتناقض . في المعرض الحالي ، يضع كيندال ديغا بجانب بيكاسو، وكان قد شارك في 1996 بالإشراف على معرض أساسي لديغا في الناشينال غاليري . يركز المعرض الجاري على هوس ديغا بالرقص والراقصين ، كما يشتمل على الحياة ما وراء مرسم الفنان وقاعة تمارين الرقص، والمواجهة بين الفنان ووسيلته وموديلاته. انه ينتقل من المسرح الى الشارع ، ويكشف كيف يبدو العالم من خلال التصوير الفوتوغرافي والسينما، في بانوراما مفعمة بالحركات واللحظات، وفي لمحات مجمّدة ، متعاقبة . طرق جديدة للنظر تتجاوز الفني . تفصح صور ديغا الخاصة عن فنان ينتهز التكنولوجيا لرؤية أبعد وأفضل ، حتى لو فشل البصر .ديغا الإنسان ، هو هناك ، أيضا . نحن نراه ، معتمرا قبعة وسيجارة تتدلى من شفتيه ، خارجا من دورة مياه عامة في باريس في 1889 ( لماذا التقط جوزيبه بريمولي هذه الصورة ؟ أمر غير واضح . ربما كان بابارازّو من الروّاد ) . نحن نرى ديغا البوليفاردي [ من يكثر التردد على جادّات باريس ]  ، ونراه مع أصدقائه في تسعينات القرن 19 ، مرتجلا لقطة صورية في حديقة قصر ، كان بوسعه أن يكون مضحكا ، وأيضا شديد البأس . الأكثر إثارة في المعرض هو قصاصة من فيلم قصير عام 1915، يظهر فيها ديغا في أواخر العمر، قريبا من العمى ، يجتاز بصعوبة عمود شارع في باريس ؛ يبدو قريبا جدا ، بعيدا جدا. عُرِض الفيلم في نهاية العرض ، من بين أفلام عن فرقة باليه أوكرانية ، ولقطات ملوّنة باليد للأخوين لوميير عن امرأة تؤدي رقصة دوّامة ، وقصاصات من فيلم لأناس يركضون ، يقفزون ويرقصون مع حيوان ــ ولو بطريقة حمقاء .حتى الغضون ذات شأنقد نتصوّر ديغا شخصية بعيدة  عن القرن التاسع عشر ، لكنه لم يمت حتى عام 1917 . ديغا ، كان رجلا صاحب مواقف عتيقة ، تظهر الآن بعض منها ، كما ظهرت للعديد من أصدقائه ، كمواقف شائنة . معاداته للسامية ، أحاديثه القومية الصاخبة ، كانت جانبا من شخصيته ؛ وفنّه ، كان الجانب الآخر .يمكن أن يكون هناك القليل جدا من الناس ممن يقفون وينظرون لراقصته الصغيرة في عمر الرابعة عشرة ( 1880- 81 ) ــ وهو نحت برونزي لباليرينا مراهقة ترتدي تنورة راقصة باليه من نسيج الشاش وشريط من الساتان معقود على شعرها البرونزي ــ  من دون أن يحسّوا أنهم في حضرة شيء عظيم وغامض . رأسها مرفوع ، يداها خلف ظهرها ، وتعبير من الجرأة يرتسم على محياها . حتى الغضون في ردائها تبدو ذات شأن . يبدو نحت ديغا لدنا ومتحركا على نحو مغالى فيه ، ومع ذلك ، مجمدا في أوضاع مستحيلة وديناميكية الى الأبد .الأفضل من وصف نحت لراقصة في حركة هو أن يطوف المشاهد حوله ، كما يبحر ديغا مطوّفا حول الشخصية في رسوم لراقصات منظور إليهن من كل زاوية ، وتتحد الرؤى الجزئية مع بعضها في النحت نفسه . في معرضه الحالي عن بيكاسو وديغا ، يرى كيندال في هذا النحت نموذجا لشخصيات لوحة بيكاسو " نساء أفنيون " ( 1906 ) . ما يدور ، يرجع عائدا .أصبح ديغا بلا شك واعيا بالتكعيبية ، بغض النظر عمّا إذا كان قد تعرّف على تلك اللمحات المتعارضة ، التي تتحرك بتناوب من الجريدة الى النظارتين ، من المنضدة الى الوجه ، عندما تتناوب اهتماماته بشكل غير معروف ، لكن في الفن ، أحيانا ، يتدفق الزمن الى الوراء ولا نستطيع تجنب رؤية الماضي في ضوء ما سيأتي لاحقا . كان ديغا والتكعيبيين معا متأثرين بالتصوير الفوتوغرافي والأفلام المبكرة . ديغا الرجل، كان رجعيا ، لكن فنه ، كان يبدو انه منبجس من ذهنه المقسّم الى أجزاء مختلفة . في أية حال ، ليس هناك سبب يمنع الفنان الراديكالي من أن يكون محافظا اجتماعيا . والعكس يمكن أن يكون صحيحا تماما .لكن ما يعني أن ندعو ديغا راديكاليا ؟ كانت بيئة الباليه قوام الفن الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر ، لكن ديغا كشف السر وراء بهرجة هذا الفن ، حتى وهو جالس في المقاعد الأمامية من المسرح . رسم ديغا مجموعة من أترابه " المشتركين " ــ رجال أثرياء يُسمح لهم بحضور التمارين والاختلاط بالراقصين بعد الأداء ــ وهم يراقبون عرضا من إنتاج روبير لوديابل في 1871 . إنه هناك ، يرسم رؤوس النظارة في الصف الأول وا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram