TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الافتتاحية:في مواجهته للاستحقاقات السياسية:هل يتصرف التحالف الوطني كطرف في الأزمة أم مدخَلاً للحل..؟

الافتتاحية:في مواجهته للاستحقاقات السياسية:هل يتصرف التحالف الوطني كطرف في الأزمة أم مدخَلاً للحل..؟

نشر في: 20 ديسمبر, 2012: 08:00 م

فخري كريم

بينما تتسع دائرة الأزمة السياسية في البلاد وتستولد افرازاتها السلبية كل يومٍ، يظل التحالف الوطني صاحب الاكثرية البرلمانية، المعنية بتسمية رئيس مجلس الوزراء،

وكأنه بمنأىً عما يجري، او ليس "مشكول الذمة" من التبعات السياسية والاخلاقية التي تلحق بالعراق والعراقيين، وتثير المزيد من القلق في صفوفهم وتضيّق فسحة الامل في نفوسهم.

وفي مواجهة الصمت الرسمي للتحالف غالباً، تتضارب الآراء والتصريحات من ممثلي مكونات التحالف حول مختلف الاستحقاقات التي تثار بين فترة واخرى، وحول ما يوجه لها من رسائل ومذكرات، وما يُطرح عليها من تساؤلات، تصب كلها في المنحى الخطير الذي تنحدر اليه الازمة السياسية الراهنة وتبعاتها، والمآخذ التي تثيرها مختلف التحالفات المشاركة في الحكم، ومنها قوى التحالف الوطني، التي يبدي البعض منها، ملاحظات اشّد وأكثر قسوة مما تبديه القوى الأخرى.

وليس خافياً الطبيعة المتناقضة لتكوين التحالف، ولا ما يجمع وما يفرق بين اطرافه، كما ليس مستوراً، الوشيجة التي تحافظ على وحدة نسيجه، قسراً، وعلى خلاف ارادة البعض منه. فكل هذا من طبيعة اي تحالفٍ محكومٍ بالتنوع وتنافر المصالح والاولويات. لكن ما يظل موضع استفهامٍ، في ظل الظروف بالغة الحساسية، سواءً من حيث المخاطر والتحديات، او من حيث الاستحقاقات الآنيّة التي تفرض مستوى من الاستجابة تتناسب مع المصالح الوطنية العليا، عابرة الطوائف والأعراق والمشارب المتضاربة، هو حالة اللامبالاة التي يظهر عليها التحالف الوطني وهو يلتزم جانب الصمت الذي قد يعكس احدى حالتين، الرضا او العجز، وكلاهما مؤسف لا يثير التعاطف او يزكي المواقف.

ان كل طرف من أطراف التحالف الوطني، كبيراً كان ام صغيراً، تكتل افرادٍ او شخصيات، او أفراداً لا تمثيل لهم، يتحمل مسؤولية تاريخية عن العواقب التي تترتب على صمتهم "كتحالف" سياسي مسؤولٍ، شاء ام ابى، عن نهج الحكومة واسباب فشلها واخفاقاتها وتعثر ادائها، والمظالم والحيف الذي يلحق بابناء الشعب جرّاء ذلك كله.

ولا تنفع، تبريراً لهذا التقصير المخل، الاعلانات المنفصلة التي يدلي بها هذا الطرف او ذاك، خارج اطار التحالف، الذي سرعان ما يجري تجاوزه او تخفيفه، باعلان آخر يضع له تفسيراً مخففاً، او يحيله الى "حالة التنوع  والاختلاف" في التنظيم!، مؤكداً على ان التحالف موحدٌ ومرصوص الصفوف مثل حجر الرحى!

ان تساؤلاً مشروعاً يثار في هذا المورد عن دور رئيس التحالف السيد ابراهيم الجعفري، وعما اذا كان غيابه المستمر، خاصة في لحظات اشتداد الازمات واستحقاقاتها، يعني تحفظه او "عفواً التهرب من المسؤولية"، او تجنبه لصدامٍ غير محمود العواقب.

وقد يتجاوز الامر في مثل هذه الحالة الاطار السياسي التمثيلي، الى المكون المعني بالتمثيل، اذ ان مسؤولية هذا الاخفاق تمتد ليتحملها ابناء "الطائفة الشيعية" التي هي الاكثر تضرراً وانسحاقاً من الاخرين من عواقب السياسة الراهنة، بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فأحوال جماهير الطائفة ومناطقهم وكل ما يحيط بهم من اوضاع معاشية،  خدمية او امنية، تكاد تتخذ طابعاً مأساوياً بحق. ولا يمكن ان لا تتحمل المرجعية العليا، المسؤولية الادبية عن هذه المعاناة و"الخُبال" السياسي السائد، رغم نفورها المعلن ضمنياً بابتعادها عن الطبقة السياسية الحاكمة، بكل ألوان  التحالف الوطني، واستنكافها عن استقبال احد منهم كموقف رافض ومحتجٍ على الانتهاكات للحريات ورداءة الاداء الحكومي ورثاثة نتائجها والتواطؤ بين الحاكمين، بغض النظر عن الادوار.

لكن الانحطاط بكل معنى الكلمة الذي آل اليه الوضع في البلاد، جعل من هذا الموقف المشرف والمسؤول للمرجعية، اقل بكثير مما يجب، كفرضٍ وكتدبيرٍ وقائيٍ.

ان وجهة نظر المرجعية في تجنب الخوض في وحل السياسة قد ترتبط بتقديرها، بما تحقق للعراقيين من استكمال  بناء السلطة السياسية بأركانها الثلاثة، التشريعية والقضائية والتنفيذية، ومثل هذا التقييم له ما يبرره لو ان هذا قد تم فعلاً، ولو ان الدولة المنقوصة البنيان قد تكاملت، وانها اصبحت تستند الى مؤسسات واجهزة حكم مستقرة، وان استقلالية كلٍ منها تحولت الى ضامنٍ لاستقلالية الدولة بكل مبناها. لكن الامر اصبح في الواقع المعاش خلاف ذلك كله، بل ان البديل عن ذلك اصبح بلا منازع، التحكم الفردي واستغلال كل مرافق الدولة وغياب الامن والاستقرار والتخلف المريع في الخدمات، التي يختزلها كلها الفساد المستشري ونهب المال العام بكل الاشكال والصيغ وتدمير القيم الاخلاقية والمروءة في المجتمع. وهذه  بعينها ما يتطلب من المرجعية ان تحرك من حولها المياه الراكدة، وان تتنصل بوضوح وموقف مباشر عن هذا الذي يجري، ولو من خلال رفع الغشاوة عن عيون "المؤمنين"، وإبداء النصح والتنبيه لهم من عواقب الخديعة التي يُدفعون اليها من قبل القوى المهيمنة على السلطة وايحاءاتها المخادعة، بأنهم حماة "الشيعة" واولياء امرهم! ومثل هذه الايحاءات تتخذ طابعاً مباشراً، كلما اقتربت الانتخابات المحلية، تمهيداً لما هو آتٍ من استحقاقات.

لقد تراكمت في الاسابيع الاخيرة السحب السوداء في اجواء الحياة السياسية، وكادت تغرق البلاد في اتون مواجهة مدمرة، لكن التحالف، رغم تلقيه مذكرة حوار ملموسٍ، ومطالبات علنية بالتدخل لإطفاء اللهيب المتصاعد، ظل يشمخ بصمته المتعالي، نائياً بنفسه عن الخوض في ما تفرضه عليه مسؤوليته الوطنية.

ان ترقب البعض للانتخابات القادمة، والحذر من ابداء آراء واتخاذ مواقف، تبدو له، متعارضة مع المزاج السائد في مناطق نفوذه، ان هو إلا تعبير عن منتهى عزلة هذه القوى وضعف دورها في تصحيح البيئة السياسية التي تدعي تمثيلها، وعدم ادراك خطورة قصورها في توعية جموعها، بما هو جوهر الخطر الداهم الذي يستهدفها قبل غيرها جراء السياسات المغامرة التي لا تستوي مع مصالحها، باعتبارها المكون الاكبر تأثيراً في حياة البلاد السياسية.

وهي اذ لا تفعل، وتُخضع نهجها واستراتيجيتها، لما هو آني وطارئ وظرفي، انما تعبث بمستقبل حضورها ودورها السياسي. واياً كانت اغراءات ما يمكن ان تحصل عليه في المساومات "الانتخابية" والاصطفافات التي طابعها "مصلحيٌ" مرحلي، فان النتيجة الحتمية ستكون لغير صالحها، بغض النظر عن التبريرات الشكلانية.

في آخر مشهدٍ ظهر فيه الرئيس، قبل ان يترجل مؤقتاً، وعد العراقيين بأن عملاً جدياً سيأخذ طريقه خلال الايام القادمة، مؤملاً نفسه ان تشهد نهاية هذا العام المشؤوم انفراجاً جدياً، يضع أسساً دستورية ضامنة لاعادة الامور الى نصابها، وتصحيح مسارات الانحراف في العملية السياسية.

لكن مراهنة الرئيس في ما بناه من آمال، وهو يعود ويتحرك في بغداد، كانت من حيث الاساس مستندة على التحالف الوطني، كإطار وقوى..

وعسى ان لا يخيب ظن المام، بعد ان يصحو ويستعيد كامل عافيته، بمن وضع فيهم الثقة والأمل..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. على سعدالله

    اعتقد ، بل اني جازم في قولي أن الأنتخابات القادمة ستكون مائةب المائة لصالح نوري المالكي لأانه خطط لتزوير كل شيء كما يريرد هو ، وليس بعيدأ أن يبدل صناديق الانتخابات من خلال خلق فوضى في المدن ليسيطر هو على الساحة من لال الجيش الذي لديه . يا سيدي لا مناص , ص

  2. حامد المختار

    تحية طيبة من خلال مراجعة بسيطة لمواقف الكتل المؤتلفة داخل التحالف الوطني والمرجعية الدينية في النجف نلاحظ أن ديدنهم وهمهم الاول هو عدم انفراط عقد التحالف وأن يبقى الشيعة يحكمون البلاد والعباد فلا نستغرب سكوتهم عن مهازل حكومة المالكي وجرائم الفساد وسرقة ا

  3. ابو سهيل

    الاخ الفاظل ابو نبيل لعتقد في نهايه المطاف ان الدكتاتور سيلجء الي الانقلاب العسكري وحل البرلمان الذي تحسدنا عليه الدول الاكثر ديموقراطيه وبموافقه اميركا التي دخلت البلد بحجه حقوق الانسان وزالديموقراطيه

  4. هيثم الساعدي

    لو كان التحالف الوطني له كلمة واحدة وقوية وله موقف واحد من الازمات الحالية لما تجرأ الاخرون عليه وعلى اكثرية الشعب العراقي انا ادعوا التحالف الوطني ان يكون مع مرشحه دولة رئيس الوزراء على الاقل في المسائل التي لاتقبل المساومة مثل وحدة البلاد وسيادة العراق

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram